ماهر مقلد
نقطة تحول مقارنات للتاريخ
مرت ذكرى ثورة 23 يوليو 1952 هذا العام بعد أن فتح البعض بابا واسعا للمقارنة بين صورة مصر ما قبل الثورة وما بعدها، وانحاز عدد كبير من أصحاب الرأى والنشطاء على صفحات التواصل الاجتماعى لنظرية أن مصر كانت أفضل بمراحل فى حقبة ما قبل ثورة 23 يوليو من النظام والحضارة والمستوى الاجتماعى والاقتصادى وسلوك الشارع، ويستند هؤلاء إلى أن قيمة الجنيه المصرى قبل الثورة فى مقابل العملات الأجنبية كانت قيمة مرتفعة وعملة نقدية لها وزنها، وتمادى هؤلاء فى ذكر محاسن الحياة والمعيشة ما قبل الثورة .
هذا الرأى انتقده فريق كبير، وكبير جدا، من المصريين المهتمين بالدفاع عن الثورة ومكاسبها للطبقة الوسطى وما حققته من مجانية التعليم والمساواة بين أبناء الشعب، وغيرها من المبادىء المعروفة للثورة الأشهر فى تاريخ مصر.
بعد 66 عاما على قيام الثورة يبدو أن الصورة الكاملة لم تتضح بعد وأن وجهات النظر متباعدة، فهناك حالة تسيطر على الجميع وهى عقد المقارنات بين الحقب الزمنية المختلفة دون الاعتراف بمزايا كل حقبة حتى أصحاب الشهادات المكتوبة من أعضاء تنظيم الضباط الأحرار جاءت شهاداتهم متباينة ودخلت فى مناطق الاشتباك مع الآخر حبا أو كرها مما تسبب فى حيرة كبيرة لكل من يهتم بتاريخ مصر ويسعى جاهدا لمعرفة ما الذى حدث؟.
هذه المقارنات قد تكون ظاهرة صحية فى حال أن يسرد صاحب الشهادة أو كاتب الرأى وجهة نظره وهو يحتفظ بالاحترام الواجب والتقدير لكل الأطراف، وألا يبدو شديد الانحياز لشخص ومرحلة على حساب الحقيقة ،كما يتطلع القارىء إلى أن تكون لغة الكتابة بعيدة عن حد التجريح والوصف الذى لا يرقى للتعامل مع شخصيات تاريخية احببناها أم غير ذلك، فالحكم الشخصى يبتعد عن جوهر الموضوعية والتجرد.
التاريخ يكتبه المتخصصون بضمير ونزاهة، مرت ذكرى الثورة ومازالت المقارنات قائمة وقد لا تتوقف، ليت الأمر يطرح صورة قريبة لمصر التى كانت قبلها لكى نستفيد مما كان جميلا وننسى ما كان غير ذلك .