اللقاءات الودية والدبلوماسية والاقتصادية التي تتم في هذه الأيام بين مصر والسودان. علي مستوي القيادات السياسية للبلدين. تعيد الروح إلي الارتباط التاريخي والأزلي بين دولتي مصب نهر النيل.
العلاقات بين الإقليمين السوداني والمصري. تعلو علي كل علاقة ارتبطت تلك العلاقة في أذهان الشعوب هنا وهناك ارتباطا يؤكده ويثبته وحدة الشعبين في العادات والتقاليد والدين واللغة.
كان الصراع بين المصريين والاحتلال الانجليزي يتركز في إصرار انجلترا علي تخلي مصر عن السودان ورفض المصريون ذلك ذكر الكاتب الكبير توفيق الحكيم انه التقي الزعيم مصطفي النحاس قبل رحيل الانجليز عن مصر. وقال له أن السودان هي الصخرة التي تتحطم عليها محادثات الجلاء عن مصر ذلك أن ما يشغل انجلترا هو أن تتمزق وحدة مصر والسودان إلي دولتين ليسهل عليها افتراس كل منهما علي حده.
كل مواطن مصري أو سوداني كان يشعر أن مصر والسودان كيان واحد أثبتت الحياة العملية ذلك. فكانت أم الرئيس محمد نجيب أول حاكم مصري بعد خمسة وعشرين قرنا ـ كانت أمه ـ سودانية ـ كما كانت أم الزعيم المنتصر والشهيد محمد أنور السادات "ست البرين" سودانية وكان كثير من المصريين ولدوا بالسودان ابان عمل آبائهم هناك والعكس صحيح.. الفن السوداني الشعبي والموسيقي كانت تنتشر في مصر ويعشقها المصريون. لا يستطيع أي متأمل أن يفرق بين انسان من أبناء صعيد مصر وبين آخر سوداني كما كان درب الاربعين الذي يربط بين الخرطوم في السودان وبين أسيوط في مصر طريقا للقوافل من الجنوب إلي الشمال ومن الشمال إلي الجنوب لا يستغني سوداني عن مصري مهما حدث إلا أن السياسة في أحد مراحلها غرست اسافين الفرقة بين الحكومات وان كانت لم تستطع ذلك بين الشعبين ومن ثم فكل مصري نعمة الفرحة والسعادة لعودة الروح إلي تعاون الشعبين وتكاتفهما لنهضة البلدين واستثمار خبراتهما لنهضة البلدين وآن للشاعر محمد الفيتوري ان يفرح في قبره لعودة الروح بين الشعبين الشقيقين وقد تغني للحرية ونادي بها لوطن مولده السودان ولوطنه في الثقافة والإقامة بعض عمره مصر مؤمنا بأن الأيام والسنين لن تقف حائلا بين تجمعهما وأهمية كل منهما للآخر.
في عالم يقوي بالتوحد اقتصاديا والتكامل في الامكانيات يتحتم علي الأمة العربية أن يجتمع شملها ويقوي صوتها ويرتفع لواؤها بين عالم لا يرحم الضعيف.
أذكر أن والدي رحمه الله كان يتمني أن تقوم الوحدة بين مصر والسودان لاحساسه بمدي الارتباط بينهما.