الأخبار
جلال عارف
في الصميم - التعليم في «كومباوند» والتعليم في وطن !!
بجانب مجانية التعليم التي أتاحت للملايين من المصريين الذين كان قد طال حرمانهم أن يعلموا أولادهم، وأتاحت لمصر ثروة من أبنائها الذين كانت الأمراض والفقر والجهل يفتك بهم، فتحولوا إلي أعظم طبقة وسطي شهدتها مصر.. بجانب ذلك كان الإنجاز العظيم الآخر في هذا المجال هو توحيد التعليم الذي ضم مصر إلي الدول المحترمة التي يتلقي أطفالها نفس التعليم في نفس المدارس وبنفس المناهج.. لافرق بين غني وفقير، ولا بين صاحب نفوذ ومن هو علي باب الله.
هذا التطور الهام جعل من التعليم الأساسي أحد أهم مؤسستين في مصر يؤكدان علي قيم المواطنة ويؤكدان علي كل ما هو رائع في شخصية أبنائنا ويترجمان هوية مصر في واقع يجمع الكل تحت رايتها وحدها. وكانت المؤسسة الثانية هي جيش مصر الوطني الذي كان - ومازال - صورة لمصر الحقيقية وهي تجتمع في رحاب الولاء للوطن والانتماء الحقيقي له.
أما مؤسسة التعليم فقد شهدت أسوأ التطورات التي قادتنا إلي الوضع الحالي. لم تعد القضية هي فقط تدهور مستوي التعليم، وإنما اختلط الأمر بتشويه الهوية الوطنية بعد أن تم إسقاط التعليم الموحد، وفتح الباب علي البحري ليتحول التعليم إلي »بيزنس»‬ ولتتحول المؤسسة الوطنية الجامعة لكل أبنائها إلي هذا »‬البزرميط» الذي أصبحت فيه المناهج علي الكيف، ومدارس الفقراء لا صلة لها بمدارس الأغنياء، وأطفالنا موزعون بين تعليم مدني وآخر ديني، وتعليم يبحث عن اللغة العربية وآخر يعتبرها من دلائل التخلف، وناس تحول التعليم إلي »‬كومباوندات» خاصة مغلقة علي أبنائهم.. وناس تبحث عن مكان في آخر الطابور.. دوائر متباعدة لا يعرف بعضها بعضا، وتعليم يوزع الولاءات والانتماءات بين أبناء الوطن الواحد!!
هام جدا أن يكون هناك هذا الربط بين عملية إصلاح التعليم وبين التأكيد علي الهوية الوطنية لدي أطفالنا. وهام جدا أن يعود الاهتمام باللغة العربية القادرة - بلا شك - علي تلبية كل احتياجات العصر ومتطلبات العلم الحديث. ويبقي الأهم وهو الوعي بأن كل ذلك مرتبط بعملية أساسية هي توحيد التعليم الأساسي.. ليس فقط من أجل تعليم أفضل، وإنما من أجل تأكيد قيم المواطنة وترك ثقافة »‬الكومباوند» إلي رحابة الوطن، وعز الإنتماء إليه والفخر به .

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف