جلال دويدار
خواطر - ارفعوا أيديكم عن سوريا (٢)
فيما يتعلق بالوجود الإيراني في سوريا والذي يعد من أهم أسباب محنتها.. فانه جاء تفعيلا للجوء بشار الاسد الي تفعيل المبدأ الشهير للزعيم البريطاني تشرشل إبان الحرب العالمية الثانية. اضطر عندما وجد صعوبة في مواجهة قوات هتلر النازية إلي اطلاق مقولته الشهيرة: »مستعد أن أتعاون مع الشيطان من أجل النصر». تفعيل هذا الأمر دفعه الي التحالف مع روسيا العدو الايديلوجي.
ما أقدم عليه تشرشل هو نفس ما اضطر اليه بشار الاسد دفاعا عن نظام حكمه ومواجهة ما يتعرض له الوطن السوري من اخطار. العمل بهذا المبدأ لا يبرئ مسئولية السياسة والسلوكيات التي تبناها النظام وساهمت فيما لحق بسوريا من كوارث. الأخذ بهذا المبدأ كان دافعه أيضا لطلب المساعدة من ايران وميليشيات حزب الله التابع والممول منها.
لجوء بشار الاجباري الي ايران جاء علي ضوء الهجمة الشرسة التي تعرض لها بلده ونظام حكمه من جانب الاعداء والمتربصين. ضاعف من مشكلته الخلافات التي وقعت بينه وبين السعودية والتي تبعها معظم الدول الخليجية. يضاف الي ذلك النظام القطري بتوجهاته الخاصة به والقائمة علي تحالفه مع التنظيمات الارهابية لصالح القوي الاجنبية من أجل تدمير العالم العربي.
المشاركة الايرانية في أحداث سوريا لم تأت اعتباطا وإنما جرت تواصلا مع دورها العدائي المخزي في كل منطقة الشرق الاوسط وخاصة منطقة الخليج. إنه لا يختلف في تطلعاته وأطماعه عما يسعي اليه أرودغان تركيا »العثماني» من خلال المشاركة في هذه الاحداث إذن فكلتا الدولتين ايران وتركيا لم يكن من هدف لهما سوي وهم إحياء الامبراطوريتين الفارسية والعثمانية علي حساب خراب وتدمير سوريا وكل العالم العربي. أما فيما يتعلق بالتدخل الامريكي فإن ذلك مرتبط باستدعاء اسرائيل الربيبة وصاحبة الامر والنهي فيما يتعلق بسياسات وتوجهات الادارة الامريكية.
من ناحية أخري فإن ما حدث في مستنقع اليمن ليس إلا حلقة من حلقات التآمر علي الدول العربية خاصة البترولية منها. لا يخفي أن الهدف الاساسي هو استنزاف قواهم وتوجيه ما يملكون من ثروات لشراء السلاح الذي تعد صناعته وتسويقه محور لرخاء وازدهار الدول الكبري التي تأتي في مقدمتها أمريكا.
هل يمكن ان تنتصر العقلانية علي توجهات الحكام العرب ويفهمون ويدركون هذه الحقيقة.. ان عليهم وهم يبحثون الامر ويراجعون محصلة ما يتعرضون له. عليهم أن يمسكوا بورقة وقلم لحساب مئات المليارات من الدولارات التي انفقوها لشراء السلاح. كان يمكن تخصيص هذه الأموال الطائلة لتمويل مشروعات التنمية في الدول العربية.
هكذا تثبت الايام والاحداث كل يوم صدق ما دعت اليه مصر دولة المبادئ والقيم والمسئولية القومية العربية. أن سياساتها وبعد ان برئت من آفة الانحراف الذي قادته جماعة الارهاب الاخواني. إنها تركزت دوما وباستثناء فترة حكم جماعة الارهاب الاخواني علي أنه لاحل للأزمة السورية الا من خلال التسوية السلمية ورفع القوي الاجنبية أيديها عن مقدرات هذه الدولة.
ان السنوات السبع التي مرت علي مخطط تدمير وتخريب سوريا الفيحاء أكدت صدق شعار »ارفعوا أيديكم عن سوريا» الذي رفعته مصر لإنقاذ سوريا. إنها نفس المبادئ التي طالبت بها مصر بعد ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ والتي تعد من محاور ثوابت استراتيجيتها السياسية في تعاملها عربيا وإقليميا ودوليا.