رياض سيف النصر
عندما انحاز الجنزوري للمحافظ ضد الوزير المدلل
لم يعرف عن الدكتور كمال الجنزوري رئيس الوزراء الأسبق أنه يستند في قراراته إلي العاطفة إنما كان يغلب العقل خاصة عندما يتعلق الأمر باختيار معاونيه.
كانت إدارته لاجتماعات مجلس الوزراء والمحافظين تستند إلي المعلومات الدقيقة ما دفع كل وزير أو محافظ أن يدرس مشروعاته جيداً قبل الاجتماعات التي كانت تتسم بالانضباط وعدم الخروج عن إطار القضايا المطروحة واتخاذ القرارات الفورية فيها بعد مناقشتها من أعضاء المجلسين.
ولم يكن من السهل أن يضع ثقته المطلقة في أحد العاملين معه إنما كانت الثقة محكومة بالممارسة ولا تمنح إلا لمن يستحقها.
مرة واحدة خرج الجنزوري عن تلك القاعدة عندما وضع ثقته في شخص ارتبط معه بصداقة قديمة وربما مواقف تاريخية.
غاب عن السياسي المحنك الجنزوري حقيقة أن السلطة كثيراً ما تغير طبائع الناس.. خاصة ضعاف النفوس.
اختار الجنزوري صديقه وزيراً لشئون مجلس الوزراء لم كان يعرفه عنه من قدرات تنظيمية تؤهله لمتابعة قرارات مجلس الوزراء وتحولت تلك القدرات إلي سلطة ديكتاتورية مطلقة يمارسها مع كل من يرغب في مقابلة الجنزوري من الوزراء والمحافظين وبذلك استطاع أن يعزل رئيس الوزراء عن الجميع ووقف حائط صد أمامهم جميعاً.
الوزير المدلل
والوقائع كثيرة أتوقف عند موقف واحد يجسد سلوكيات الوزير الذي دلله الجنزوري واحتاج إلي وقت طويل ليكتشف حقيقته ولكن بعد فوات الأوان فقد استطاع الوزير أن يتقرب إلي دائرة الرئاسة ويحظي برعاية حرم الرئيس.
الموقف كان يخص إجراء اتخذته محافظة الدقهلية في إسناد مشروع كبير للصرف الصحي إلي إحدي الجهات وحرص محافظها أن يشارك في اللجنة جهات رقابية وشعبية حتي تحصل المحافظة علي أفضل العروض وتم بالفعل إسناد العملية إلي الجهة التي استقر علي قيامها بالمهمة.
واذكر أنه عندما تم عين محافظاً دخل إلي مكتبه أحد قيادات المحافظة وأخذ يكيل له المديح وأنه يختلف عن المحافظ السابق.
وكان رد البيلي أرجوك عندما اترك المحافظة بعد فترة تطول أو تقصر ألا تفعل مع المحافظ الجديد ما تفعله الآن.
لم يبخل البيلي علي رئيس الوزراء بالنصحية.
المفاجأة أن الوزير المدلل عرف بما جري ولعب دوراً في محاولة إفساد العلاقة بين شريف والجنزوري والإيحاء للجنزوري بأن شريف يطمع ويسعي لتولي رئاسة الوزراء.
أخلاق الفرسان
عرفت اللواء فخر خالد عندما تولي منصب مدير أكاديمية الشرطة وأجري معه صحفي الأهرام حديثاً حول شروط القبول بالأكاديمية وجاء عنوان الحوار سندقق في البحث عن المستوي الاجتماعي للطلاب الذين سيتم قبولهم.
وقمت بالتعليق علي هذا التصريح في مقال يصف أقوال الرجل بأنها تمييز بين أبناء الشعب وتعود بنا إلي زمن مضي في عهد الملكية.
عقب نشر المقال تلقيت اتصالات من الرجل يطلب مني زيارته بالأكاديمية إذا كان لدي وقت وكانت مكالمة بالغة الرقة لم أكن انتظرها بعد هجومي الشديد عليه.
رحبت بزيارته وأطلعني علي أقواله التي أدلي بها للصحفي ولم يذكر العبارات التي أثارت غضباً.
وقاطعته علي الفور لماذا لم تكذب هذا الصحفي الذي أساء إليك ونقلت الحقيقة إلي الرأي العام.
قال: هذا الشاب لم يعين في الأهرام وهو من أبناء محافظتي وجاء يسعي للفوز بحوار يثبت أقدامه في الصيحفة والأمر المؤكد أنه لم يستوعب أفكاري عن أهمية مراعاة أن يكون سلوك المتقدم لدخول الكلية حسن السلوك ومن أسرة أحسنت تربيته.. ولذلك سأتحمل المسئولية كاملة ولن أكذب هذا الشاب وأقضي علي مستقبله.
لم تنقطع صلتي منذ هذا اللقاء بفخر الدين خالد.. نسينا أنني صحفي وهو مسئول واستمرت الصداقة حتي آخر يوم في حياته.