الوفد
محمود زاهر
مراجعات زمن «كيكي»!
أسهم التقليد الأعمى للغرب في تبدُّل القيم السائدة، ليسفر عن سلوكيات بغيضة، أثَّرت بشكل مباشر على مجتمعنا، بمختلف عاداته وتقاليده.. وتداعيات خطيرة في جميع مجالات الحياة بأدق تفاصيلها.

كثير من شبابنا الذين نُعَوِّل عليهم لبناء المستقبل، تبدَّلت اهتماماتهم وثقافاتهم وميولهم، حتى بَدَت عليهم أعراض سلبية لأمراض اجتماعية.. ضاعت معها بوصلتهم، وضلَّ سعيهم في طريق العودة.

الآن أصبحت اهتمامات معظم الشباب تافهة وفارغة، تعزز الابتعاد عن القيم وتغييب العقل «طوعًا أو كرهًا»، ولم يعد لديهم سوى التقليد الأعمى، كمصدر وحيد لتشكيل وجدانهم وميولهم، والمتحكم في تفكيرهم واندفاعهم!

يقولون إذا أردتَ أن تعرف أحدًا ما، يجب أن تعرف أولًا ماذا يقرأ، وبماذا يهتم، وبماذا يفكر؟.. قطعًا سنجد الإجابة في تحدي «رقصة كيكي»، الذي أصبح حديث العالم على مدار الساعة!

ورغم تفاهتها وسطحية مَن يؤدونها، إلا أنها اجتاحت العالم بشكل غير متوقع، لتتجاوز أكثر من 200 ألف فيديو في أسبوعين فقط.. وحتى الآن، لا نعرف أسباب شغف شريحة كبيرة من الناس بهذا التحدي، رغم خطورته على هؤلاء المهووسين.

هذا «التحدي» المرتبط بـ«مهارات الرقص» يأتي على غرار تحديات عالمية انتشرت خلال السنوات الأخيرة، مثل «تحدي دلو الثلج»، و«تحدي أحمر الشفاه».. وصولًا إلى زمن «كيكي»!

ما يؤسف له أن هذا «التحدي» انتقل إلى العالم العربي بشكل واسع، خصوصًا في مصر، بعد انتشار العديد من الفيديوهات لشباب يؤدون هذه الرقصة ببلاهة يُحسدون عليها، عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

«تحدي كيكي» نال شهرة واسعة بعدما نشر حساب على «إنستجرام» يحمل اسم «theshiggyshow»، عبارة عن مقطع فيديو لشاب يدعى شيجي راقصًا على الأغنية، وتحديدًا مقطع «كيكي.. هل تحبيني؟»!

إنها فكرة سخيفة تعرِّض حياتك وحياة الآخرين للخطر والموت المحدق، خصوصًا أن أداءها يتطلب الهبوط من السيارة أثناء سيرها، ثم الرقص على أنغام أغنية «In My Feelings» لمغني الهيب هوب الكندي دريك.

للأسف، لاحظنا مشاركة واسعة واهتمامًا غير مسبوق بهذا الهراء، في مجتمعاتنا «المحافظة»، وقام العديد من الشباب بنشر مقاطع فيديو لهم وهم يؤدّون هذه الحركات المائعة، بعد تصدُّر هاشتاج «تحدي كيكي» الترند لعدة أيام!

هذا «التحدي» قوبل باستهجان كبير، بسبب الحوادث الخطيرة التي قد يسببها، إذ تشير تقارير عالمية إلى تعرض البعض لإصابات بليغة نتيجة سقوطهم على الأرض أثناء الهبوط من السيارة عند تحركها، بالإضافة إلى حصول حوادث سير بسببها.

ورغم انتقال حمى «تحدي كيكي» إلى مشاهير العالم أيضًا، مثل الممثل الأمريكي ويل سميث، إلا أن كثيرًا من المشاهير في مصر قاموا بتطويرها، بل وإسداء النصيحة إلى غيرهم بعدم تقليد حركاتهم.. لأنها خطرة!!

التحدي الراقص «الشهير»، لم يمر مرور الكرام، دون أن يشعل سخرية المصريين، بعد ساعات من انتقال حمى الهوس العالمي والعربي إليهم، حيث أثبتوا بالأدلة والبراهين، وبما لا يدع مجالًا للشك «إحنا الأصل» منذ عقود!

وفقًا لتلك النظرية، لا يمكن إنكار أن المواطن المصري المطحون، الغارق في همّ الحصول على لقمة العيش، أو الذي يفكر في التغلب على غلاء الأسعار، وانهيار قواه أمام اشتعالها، يمارس هذه الرقصة منذ سنوات.. وإن كان بأشكال مختلفة!

إذن، هذا «التهريج» ليس سوى تقليد شاذ مغاير لتقاليدنا وقيمنا الدينية، كما أنه مؤشر خطير لشبابنا الذين يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي للتخطيط والتنظير لمستقبل مصر منذ سنوات.. «يا أخي كيكي عليكم»!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف