مثل كل المصريين، تابعت باهتمام معركة مستشفي 57357، لأن المشروع قائم علي تبرعات أهل الخير. ولا يجب اقتراب الفساد من إنفاقها مهما كانت الظروف. ولأن العبرة بالخواتيم في المعارك الكبري التي تدور حول مشروعات يقيمها المصريون لمواجهة غول سرطان أطفال الفقراء والمحتاجين من المصريين.
ثم عقدت لجنة الصحة في مجلس النواب، برئاسة الدكتور محمد العماري، ووكالة الدكتور مصطفي أبو زيد، جلسة مخصصة لمناقشة مشكلة المستشفي. منعتني ظروفي القاهرة والتزاماتي في المجلس من حضورها. مع أن حضورها كان شديد الأهمية بالنسبة لي. لأني كنت سأقف في أقرب مكان لمعركة من معارك الفساد في مصر الراهنة - هنا والآن -.
علمت أن مدير المستشفي الذي أُبلِغ رسمياً قبل عقد الجلسة بوقت كافٍ لم يحضر. وقيل في سبب عدم حضوره إنه في إجازة في ذلك اليوم. رغم ثبوت وجوده في مكتبه من العاشرة صباحاً حتي الرابعة بعد الظهر. وهنا بدأ نهر التساؤلات التي لا إجابة عليها يهز كياني. من الذي يدعم هذا الرجل؟ من الذي يقف وراءه؟ أي جهة تعطيه الضوء الأخضر ليمارس كل هذا الفساد ولا يعنيه أي شيء؟.
بدأ الموضوع في الإعلام. وتعامل مع الإعلام بغرور شديد عندما طلب منع الإعلام من الكتابة عن الموضوع. مع أن الإعلام سلطة من سلطات المجتمع. وهو ضمير الناس المتحرك. ويقوم بما يقوم به لإعلاء شأن المصلحة العامة مهما تناقضت مع المصالح الإنسانية. بل والمطامع الشخصية.
كتب وحيد حامد مقالاته في المصري اليوم، ونشر أسامة داوود تحقيقاته في فيتو. ومع هذا لم يبال بالرد. ولم يبد معنياً بأن يقول كلمة واحدة. بل لقد قال الدكتور محمد الباز، صاحب برنامج: 90 دقيقة، بأنهم اتصلوا به ليشرح وجهة نظره. ورفض أن يقول حتي كلمة واحدة.
فما هي الحكاية بالضبط؟ هل وجود جواز سفر بريطاني في جيب أي مواطن مصري يعطيه حصانة ضد كل شيء حتي المصالح العليا للبلاد؟ ألا تعنيه سمعته الشخصية؟ ولا نظرة المجتمع له؟ ولا موقف الناس منه؟ ليبدو كأنه ليس مهتماً حتي بالدفاع عن نفسه. وإيضاح الحقيقة للناس.
تبقي تساؤلات: إن كانت هناك تحقيقات تجري، لماذا لم يمنعه من يحقق معه من السفر؟ وإن كانت المستشفي تابعة لوزارة التضامن الاجتماعي، كيف لم تُوقفه الدكتورة غادة والي، وزيرة التضامن الاجتماعي، التي يتبعها المستشفي عن العمل لحين انتهاء التحقيقات؟ قرار مؤقت وليس إقصاء عن العمل. ألم يكن هذا أقل ما يجب أن يتخذ ضد من يقول: أنا أو مصر؟ ولا يكتفي بالقول. بل إنه يردفه بالعمل. أخشي أن تكون هناك بؤر مستشفيات مشابهة علاوة علي ما توصلنا إليه.
أكتب بعد أن تراجع الاهتمام بالقضية في وعي ووجدان المصريين. يهتمون بلا حدود وينسون بسرعة.
>>>
عتابي الإنساني والمهني لنقيبنا عبد المحسن سلامة، عندما عنون مقاله الأخير بالأهرام: يحدث في مصر الآن. وهو عنوان رواية عمري، التي تحولت لفيلم سينمائي، وأيضاً عنوان هذه الزاوية الأسبوعية في جريدة الأخبار، دون أن يشير إلي ذلك.