الأخبار
محمود عطية
تلك القسوة
من باب العتب

ليس خيالا جامحا أو تخاريف مأفون لكنها قصة الطمع الإنساني ومحاولة استيلاء الذكر علي نصيب الأنثي من الميراث.. ويضاف لها عنصر جديد وهو مستشفي الأمراض العقلية.. والقصة أو الجريمة تبدأ حين يرحل الولدان ويفكر ويدبر الأخ الأكبر أن يودع أخته الصغري مستشفي الأمراض العقلية طمعا في الاستيلاء علي الميراث بمفرده.. وبلا تأنيب من ضمير ولا إحساس برابطة الدم يتمكن من أن يدفع بأخته داخل غياهب المستشفي لأكثر من عشر سنوات بلا أي تقارير طبية حقيقية توصف حالتها وتوصي بإيداعها هناك..!
وتنشر »الأخبار»‬ الجريمة بعد اكتشافها بالمصادفة بمعرفة إحدي الباحثات التي كان لها صلة بالأسرة.. ولا نعرف كيف استباح هذا الأخ المستشفي وتمكن من إيداع أخته به.. وكيف ظلت هناك لأكثر من عشر سنوات بلا أي دليل طبي يؤكد أنها فارقت العقل وباتت خطرا يعيث بالحياة العامة.. كأن المستشفي بلا ضابط ولا رابط ولا أحد يسأل من تم إيداعه به وكيف يبقي بعنابره طوال تلك السنوات ولا يشعر به أحد من العاملين والمراقبين.. وتظل المسكينة إحدي الحالات العصية علي الاكتشاف رغم أن المستشفي يعج بالأطباء وأطقم تمريض نساء ورجالا ومديرين ويخضع للتفتيش.!
وتمر الليالي والسنوات الطوال كئيبة بطيئة علي الفتاة الصغيرة داخل عنابر حالات الأمراض العقلية تقاسي الآلام من قسوة الأخ وقسوة العيش مع حالات فاقدة للسواء النفسي.. ولا يلتفت إليها أحد ولا يسمع لها صوتا وربما كان هناك من يعطيها بإيعاز من الأخ ما يجعلها فاقدة للسيطرة علي نفسها وغائبة عن الوعي.. ولا أحد يستطيع إخراج الحالة ربما خوفا من سطوة الأخ أو من تواطأ معه.. وتأتي المصادفة المستحيلة حين تكتشفت الحالة بواسطة إحدي الباحثات وتعلن عن احتجاز إحدي النازلات بالمستشفي التابع لجامعة طنطا دون سند طبي أو تقارير عن حالتها الصحية.
كنا نظن أن مثل هذه الحالات باتت مستحلية بعدما شاهدنا العديد مثلها في الدراما القديمة.. وحسبنا أنها باتت من الذكريات التي تغذي مؤلفي الدراما.. لكن للأسف مسلسل الطمع في ميراث الأنثي مازال مستمرا خاصة في بعض مناطق أقاصي الصعيد وبعض المناطق الريفية.. حيث يحتمي الأخ ببعض العادات والتقاليد ولقوته وسطوته للاستيلاء علي ميراث أخواته البنات وربما بمساعدة بعض أفراد الأسرة وإذا اعترضت الأنثي تضرب وينكل بها.. وتظل تلك حالات أسرية نسمع بها من بعيد عن سطوة القانون.
المثير كيف إلي يومنا هذا تتكرر نفس القصة الزج بشخص صحيح عقليا داخل مستشفي الأمراض العقلية تخلصا منه والمستشفي يعج بالأطباء والممرضات ولا أحد يعترض والكل ساكت وكأنها مؤامرة من الجميع علي تلك الأنثي.. وكيف استطاع الأخ النفاذ والسيطرة علي المستشفي لتصبح أخته نزيلة لأكثر من عشر سنوات.. يحرمها من نعمة الحياة وممارسة حياتها الطبيعية وسط أناس ويحرمها من أن تتزوج وتصبح أما.. من أين تنبع كل تلك القسوة؟.


تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف