الجمهورية
د. محمد مختار جمعة
تحت قبة الجامعة
لا شك أن جامعة القاهرة أحد أهم الصروح العلمية الوطنية بما شهدته عبر تاريخها الطويل من أحداث عظام علميًّا ووطنيًّا وسياسيًّا.
ولا شك أن من يجلس تحت قبة هذه الجامعة سواء أكان محاضرًا أم متحدثًا أم ضيفًا يشعر بشيء كبير من العزة والفخار. ويدرك عظمة التاريخ المصري العريق علي مر العصور من القديم إلي الحديث فالمعاصر. غير أننا كنا قبل سنوات قليلة. وعلي وجه التحديد قبل تولي سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم نشعر بشيء من الإحباط وعدم القدرة علي إضافة لبنات جديدة إلي بنائنا الحضاري العريق. غير أن السنوات الأولي من تولي سيادته مقاليد الحكم في مصر قد شهدت تحولا كبيرا في الآمال والطموحات وعودة الثقة بالنفس وأننا قادرون علي أن نبني كما كانت أوائلنا تبني ونصنع كالذي صنعوا من المجد العظيم. فبداية من حفر المجري الملاحي الثاني لقناة السويس والذي كان بمثابة نقطة الانطلاق التي حركت ما كان كامنا من معدن هذا الشعب العريق. فاستعاد ثقته في نفسه وقدرته علي الإنجاز والإسهام في صنع الحضارة الإنسانية. إلي التحدي الأكبر الذي أبهر الجميع وهو قوة وصلابة قواتنا المسلحة الباسلة ورجال الشرطة البواسل في مواجهة الإرهاب ودحره. والتفاف الشعب المصري خلف قيادته السياسية الحكيمة وقواته المسلحة الباسلة وشرطته الوطنية. وهو ما أدي إلي إحباط أعدائنا المتربصين بنا ويأسهم من أن ينالوا من تماسك دولتنا الوطنية. ثم توالت الإنجازات في مجال الطاقة بصورة مبهرة محاطة بتوفيق من الله "عز وجل" فتوالت اكتشافات الغاز الطبيعي مما يبشر بمستقبل واعد لمصرنا العزيزة كأحد أهم المراكز الإقليمية بل العالمية في مجال تسييل الغاز وتصديره بإذن الله تعالي. ناهيك عن مشروعات الإسكان والطرق والبنية التحتية .
ولعل أهم إنجاز تحقق هو استعادة الشعب المصري لثقته في نفسه وإيمانه بأنه قادر علي مواجهة التحديات والعبور ببلده إلي بر الأمان .
والذي لا شك فيه أن مؤتمرات الشباب وبرامج تأهيله وفي مقدمتها البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب الذي أطلقه ويرعاه السيد رئيس الجمهورية أيقظت الوعي المصري وأضفت جانبا كبيرًا من الحيوية علي ديناميكيته في مختلف المجالات. وفتحت الباب واسعا أمام قدرات الشباب وإبداعاتهم. وأخذت كثير من مؤسسات الدولة تفسح الطريق أمامهم مما أعطاهم الفرصة للتعبير عن أنفسهم وعن إمكاناتهم العلمية والفكرية والقيادية.
وتعد تجربتنا في الإفادة من جهود الشباب في وزارة الأوقاف إحدي التجارب الرشيدة الناجحة. فمن جهة أفسحت الطريق أمام عشرات بل مئات الشباب في مختلف مفاصل الوزارة القيادية والإدارية والدعوية. فكان تعيين أول معاون للوزير من الدفعة الأولي من خريجي البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة. كما تم الاستعانة باثنين من خريجي الدفعة الثانية من البرنامج في المكتب الفني للوزير. وتم الاستعانة بعدد كبير من شباب الأئمة المتميزين الحاصلين علي درجة الماجستير والدكتوراه في العمل الإداري والقيادي ما بين أعمال الإدارة الإشرافية والإدارة الوسطي حتي درجتي مدير عام ووكيل وزارة. كما تم الدفع بالعديد من الشباب في إمامة المساجد الكبري كمسجد الإمام الحسين ومسجد السيدة زينب ومسجد السيدة نفيسة ومسجد عمرو بن العاص "رضي الله عنهم جميعًا" ومسجد النور. وغير ذلك من المساجد الكبري والجامعة. إضافة إلي العديد من مجالات العمل العلمي والبحثي والإشرافي.
غير أن هذه الانطلاقات كلها في جميع المجالات لا يمكن أن تستمر وتطَّرد في ميدان النماء والإنجاز إلا بوعي وطني وأمن واستقرار كما أكد سيادة الرئيس. وهو ما يتطلب منا جميعًا الوعي بحجم التحديات. وخطورة الكيانات الإرهابية والمتطرفة علي كل مقدرات الدولة وإنجازاتها. فهذه الجماعات الإرهابية العميلة الخائنة الضالة المضللة لا تلوي علي شيء لا علي دين. ولا علي خلق. ولا علي إنسانية. ولا علي وطن. ولا علي دولة وطنية. لأنها لا تؤمن أصلا بالدولة الوطنية. بل تؤمن بمن يمولها ومن يستخدمها لهدم دول المنطقة وتخريبها وتفتيتها وإسقاطها في دوائر من الفوضي لا يمكنها الخروج منها لعقود علي أقل تقدير.
ويجب علينا جميعًا وبخاصة العلماء والمفكرون والمثقفون والأدباء والإعلاميون أن نبذل أقصي ما في وسعنا لرفع مستوي الوعي لدي المجتمع بأسره. وتحصينه وخاصة النشء والشباب من الفكر المتطرف أو الوقوع في براثن هذه الجماعات الإرهابية. وبيان حجم المخاطر والتحديات التي تواجهنا والتي تعد الشائعات المغرضة إحدي وسائلها. مما يتطلب منا جميعًا التثبت والتريث وعدم الانسياق وراء ما يبث منها. حيث يقول الحق سبحانه : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقى بِنَبَأي فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةي فَتُصْبِحُوا عَلَي مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ". ويقول نبينا "صلي الله عليه وسلم" : "كَفَي بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ".
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف