الأهرام
أحمد سعيد طنطاوى
طه حسين وسانت بانكراس ونزلة السمان
ثارت بداخلي المواجع بعد ما نشرته جريدة الأهرام منذ عدة أيام عن تجربة الفنان "محمود شلتوت"، الذى يمزج بين الحاضر والماضي. يقف على نفس السلالم التي وقف عليها الفنان شكرى سرحان فى فيلم «اللص والكلاب»، ثم يمزج بين صورته الحالية ومشهد الفيلم نفسه.
المواجع داخلي نتيجة رؤيتنا للمشاهد العظيمة والتاريخية التي تأثرنا بها جميعا ولم نحسن استغلالها سياحيا بعد.

والمواجع تظهر أكثر عندما نعرف أن قصرًا ظهر في أحد مشاهد المسلسلات التركية "مهند ونور" وحقق دخلاً سياحياً كبيرًا لتركيا.. وزاره ملايين المشاهدين العرب لكي يلتقطوا فيه وبجانبه الصور!، بينما عندنا آلاف الفيلات والقصور والمباني وحتى السلالم داخل أهم الأفلام العربية ولم نحسن تسويقها ولا تقديمها بصورة رائعة حتى الآن.

صغيرًا كان ابن عمي يصطحبني معه لزيارة أقاربه في "نزلة السمان"، كلما دخلنا بيتا يقول لى هذا البيت ظهر في فيلم كذا وكذا، أما فيلم كذا صُور أجزاء منه في هذه الصالة، ومررنا على ثلاثة منازل وكل البيوت التي زرناها تقريبا دخلت إلى تاريخ السينما المصرية.

كنت أعتقد أن ابن عمى يبالغ كثيرا ويفتخر إعجابا ببيوت أقاربه، لكن بعدما كبرت عرفت أن نزلة السمان واحدة من أكثر الأماكن التي يقصدها المخرجون والمصورون لملاصقتها أهرامات الجيزة.

لا أتذكر أسماء تلك الأفلام التى حكي عنها ابن عمي فقد كنت صغيرا وقتها، ولم تعلق بذاكرتي أسماءها، وكل الذي علق بذاكرتي حينها أننا في بيوت أصبح لها تاريخ يتم استئجارها لتظهر في مشاهد الأفلام والمسلسلات، وودت ساعتها لو كانت معي كاميرا لأصور تلك الأماكن.

مرت سنين طويلة.. في 2012 في لندن مر الأوتوبيس المكشوف ذو الطابقين الذي كنت أركبه على محطة "سانت بانكراس الدولية" فقال المذيع الداخلي الذي يشرح لنا معالم لندن: أنتم أمام واحدة من أكثر الأماكن شهرة في أفلام "هاري بوتر".

ولأن الدنيا تغيرت والكاميرات التي لم تكن متاحة في حينها أصبحت متاحة داخل جيوبنا جميعا على شكل هواتف حديثة.. يمكننا تسجيل اللحظات وقتما شئنا وأينما شئنا.. فأخرجت هاتفى وبدأت التصوير بجانب أماكن هاري بوتر.. وسط لندن العريقة.

في لندن عرفوا جيدًا كيف يستغلون الأفلام في الترويج لهم ولأماكنهم وقصورهم، فمثلا حائط رصيف 9 3/4 الذي كان يعبر منه هاري بوتر إلى مدرسته لتعليم السحر، أصبح مزارًا سياحيًا بفكرة فى منتهى البساطة، وهو وضع نصف عربة كأنها تقتحم الجدار الحجري فمر نصفها وبقى نصفها الخارجي فقط، فأصبح أغلب من يمر على الرصيف يرغب في التصوير مع نصف العربة هذه.

بريطانيا خصصت جزءا في سياحتها للأماكن التي ظهرت في الأفلام السينمائية مثل أفلام "جيمس بوند".

لا أعرف متى ننتبه إلى تسويق واستغلال كنوزنا السينمائية والتليفزيونية؟!، كنوزنا التي نصنعها بأيدينا!، ولا نستغلها ولا نحسن تسويقها.

شخصياً أرغب كثيراً في دخول فيلا "إنجي" فى فيلم رد قلبي، وأرغب فى التصوير أمام وداخل المنزل المكتظ بـ"عائلة زيزي" ومع ماكينة فؤاد المهندس عندما صاح "طلعت قماش"، وبين عوامات ومقاهي نجيب محفوظ فى معظم أفلامه – مقهي ريش يحقق هذه الميزة بطريقة ما.

أما البيت الذي سأزوره قريبا هو منزل المهندس "أحمد مظهر" في فيلم "دعاء الكروان"، فهو ليس بعيداً، إنه في المنيا في قرية تونا الجبل، وبناه عالم الآثار الدكتور سامي جبرة وأهداه لعميد الأدب العربي الدكتور طه حسين.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف