الوفد
محمود غلاب
بيزنس الأعضاء البشرية
يعتبر مستشفى قصر العينى أحد الصروح الطبية والتعليمية المهمة فى تقديم الخدمة العلاجية لملايين المرضي، ولكنه وضع نفسه فى مأزق خطير خلال الأيام الماضية بعد اتهامه بالاستيلاء على قرنية مريض بدون اذن لزرعها لمريض آخر مما يضعه تحت طائلة القانون بتهمة سرقة الأعضاء البشرية.

الواقعة كما قام بروايتها أسرة المريض ونقلتها الفضائيات هى أن الأسرة أدخلت عائلها مستشفى قصر العينى لاجراء جراحية بالقلب، وأكد لهم الأطباء عدم حاجته الى جراحة، وعلاجه بالأدوية فقط، وتم احتجازه عدة أيام بالمستشفي، وفوجئوا باتصال من ادارة المستشفى يخطرونه فيه بوفاته، وطلب المستشفى حضورهم لاستلام الجثة، وفوجئت أسرة المتوفى باطفاء الأنوار فى المشرحة، ومنعوهم من دخولها للتعرف على متوفاهم، ولاحظوا المياه تتسرب الى الخارج من المشرحة بها آثار دماء، وعندما أصروا على الدخول، فوجئوا بأحد العمال يقوم برش الجثة بخرطوم مياه لازالة الدماء التى كانت تغطى الوجه وشاهدوا الدماء تنفجر من عينه، واكتشفوا اختفاء قرنيته، وقاموا بإبلاغ القسم لإثبات حالة هذه الواقعة ان صحت فإن مستشفى قصر العينى والأطباء المسئولين عن هذا المريض متهمون بانتهاك حرمة متوفى ويتطلب مساءلتهم أمام جهات التحقيق.

ولقد اعترفت ادارة مستشفى قصر العينى بأخذ قرنية المتوفى طبقا لقانون قديم يعطيه الحق فى جواز ذلك، ولكن هذا القانون الغى بقانون آخر صدر عام 2010 تطلب أخذ اذن مسبق قبل نقل أى عضو أو جزء من عضو أو نسيج من جسم المتوفي، كما اشترط قانون نقل الأعضاء الحالى عدم أخذ عضو من المتوفى الا بوصية منه ومن يخالف ذلك يعاقب بالجنحة.

نحن أمام جريمة ارتكبها مستشفى قصر العيني، لمخالفته القانون ولم يراع أسرة المتوفى حتى من الناحية الانسانية فى استئذانهم قبل أخذ القرنية، كما لم يراع المستشفى عملية الحصول على القرنية بشكل جراحى سليم بدون تشوهات ولم يراع النواحى الأخلاقية فى ابلاغ المريض بأنه حال وفاته ستأخذ قرنيته ليساعد بها آخر على أن يرى النور فيما يعرف بالصدقة.

القضاء على بيزنس الأعضاء البشرية يتطلب تدخل المشرع لتطبيق المادتين 60، 61 من الدستور وتحويلهما الى قانون وتنصان على أن لجسد الانسان حرمة والاعتداء عليه، أو تشويهه، أو التمثيل به، جريمة يعاقب عليها القانون ويحظر الاتجار بأعضائه، ولا يجوز اجراء اية تجارب طبية، أو علمية، عليه بغير رضاه الحر الموثق.. كما يحق لكل انسان التبرع بأعضاء جسده أثناء حياته أو بعد مماته بموجب موافقة أو وصية موثقة.

وحسم هذه القضية المعقدة حتى يتم تسيير عمليات نقل وزراعة الأعضاء طبقاً للقانون لتلبية حاجة آلاف المواطنين الذين يحتاجون الى زراعة أعضاء حتى لا يضطروا الى اللجوء لسماسرة تجارة الأعضاء البشرية لابد أن يكون من خلال ثقافة مجتمعية تؤمن بأهمية التبرع بالأعضاء لإنقاذ الأحياء، ودراسة الاقتراحات المؤيدة لذلك بأن يتم تدوين التبرع من عدمه فى بطاقة الرقم القومى أو رخصة القيادة.

ولكن الاستيلاء علي الأعضاء خلسة عن طريق استغلال الغلابة الذين تسوقهم ظروفهم المرضية الى المستشفيات الحكومية وتحويلهم الى قطع غيار بشرية لمن يدفعون المقابل لتجار الأعضاء البشرية فهذا لابد أن يواجه بالقانون.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف