قد يري البعض غرابة في توقيت هذا المقال.. ويري البعض الاخر أن مناسبته يجب أن تكون في الاحتفال بيوم اليتيم خلال شهر ابريل من العام وأن هناك احداثاً أخطر منها وأهم حالياً.. ولكنني تعمدت ان اتصدي لهذه القضية وسوف استمر في ذلك لانها رسالة هامة أزعم انني اتحمل جزءاً منها.. وانها تتعلق بالامن القومي من وجهه نظري فلا يصح ولا يجب أن يكون اهتمامنا باليتيم قاصر علي يوم واحد ونتجاهل طوال العام ما يحدث لهم أو منهم.. يأتي هذا علي خلفية ما شهدته قرية الاطفال sos الكائنة بمدينة نصر منذ عدة أيام عندما اقتحمت مجموعة من العاطلين والبلطجية بينهم فتاة تلك القرية وأقاموا بها ولم يتمكن الأمن الخاص بالقرية من إخراجهم وتم الاستعانة برجال الشرطة حيث تم القبض عليهم وتقديمهم للنيابة بتهمة إشاعة الفوضي والذعر بالقرية والتحرش بالعاملين بها وتعاطي البعض منهم المخدرات حال تواجدهم بها وقيدت الواقعة بالقضية رقم 2134 لسنة 2015 جنح مدينة نصر.. وعندما راجعت أقوال هؤلاء المتهمين هالني الخوف والجزع علي مستقبل الايتام المنتشرين في العديد من الديار التي تأويهم وتشرف عليهم تحسباً من ان يلاقوا نفس مصير تلك المجموعة.
لقد جاء في اقوالهم أن منهم اليتيم ومنهم اللقيط وانهم قد تربوا في هذه القرية منذ نعومة اظفارهم حيث ان مبادئ العمل بها تقوم علي تبني الاطفال الايتام ورعايتهم صحياً وثقافياً وإجتماعياً حتي يتمكنوا من الاعتماد علي انفسهم وتأسيس حياة عائلية مستقلة تحت الرعاية والإشراف المباشر لإدارة القرية.. وهذا هو الهدف الاسمي الذي أنشئت من اجله عام ...1978 وأنه قد توجب عليهم عقب بلوغهم السن القانوني ترك القرية والاندماج في المجتمع... إلا انهم رفضوا ذلك واعتصموا بها وتجمهروا بداخلها بدعوي عدم التزام الإدارة بتوفير اماكن معيشية ملائمة لهم وكذلك إيجاد عمل يتكسبون منه.
يأتي هذا في حين ان إدارة القرية اتهمتهم باقتحامها رغم بلوغهم السن الواجب اخراجهم منها وفشلوا في العثور علي اي فرصة عمل حيث لم تكن لديهم الرغبة في ذلك واقاموا بها لمدة أربعة أشهر كاملة حولوا فيها القرية إلي تجمع تمارس فيه كل الموبقات من تحرش جنسي بالفتيات اللائي يقمن بها.. إلي تعاطي المخدرات.. إلي ممارسة أعمال العنف والبلطجة علي القائمين عليها لدرجة إحداثهم عاهة مستديمة لمدير أمن القرية.
واياً ما كانت إحدي الروايتين هي الاصدق فإن الموضوع في يد القضاء ليحكم بما انزل به الله في هذا الشأن... فهذه ليست قضيتنا.. وهنا يجب الا ننسي دور الايتام التي اخرجت اطفالها ليسيروا في ميدان رابعة العدوية بمدينة نصر حاملين اكفانهم علي ايديهم وأحسب انهم لم يعرفوا المغزي الحقيقي من وراء ذلك.. ايضاً يجب الا ننسي ان هناك العديد من الشباب الذين تم القبض عليهم مؤخراً تم تأجيرهم للقيام بعمليات إرهابية وتخريبية مقابل حفنة من المال يستطيعون به الحياة وتعاطي المخدرات.. بل ان بعضهم قام بتلك العمليات مقابل اعطائه كميات من المخدر الذي اعتاد عليه فقط دون اعطائهم اي مبالغ مالية.
المشكلة يا سادة ليست في تربية اليتيم حتي يبلغ أشده.. المشكلة اعمق من ذلك وأهم.. تربية اليتيم ليست وجاهة اجتماعية أو وسيلة للاسترزاق من خلال المعونات والتبرعات.. كفالة اليتيم يجب أن تساهم في بناء مجتمع سليم خال من الحقد والكراهية وتسوده روح المحبة والمودة وفي هذا يقول المولي تبارك وتعالي في سورة البقرة "يسألونك عن اليتامي.. قل إصلاح لهم خير وان تخالطوهم فاخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح" صدق الله العظيم.. ويقول رسولنا الكريم "خير بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه" صدق رسول الله.
والسؤال هنا ماذا نفعل لنحقق لهؤلاء ولنا الاستقرار والامان؟
وان نبعدهم عما قد يشعرون به من حقد وغل علي المجتمع الذي فرح واحتفل بهم وهم صغار وتخلي عنهم وهم كبار...
نلتقي في الاسبوع المقبل بإذن الله لنكمل ما بدأناه وأرحب بأي مقترح في هذا الشأن لكي نحمي وطننا من أحد الموضوعات التي اري انها بالفعل تتعلق بالامن القومي المصري.. وتحيا مصر