الجمهورية
السيد البابلى
"مضيعة للعمر".. وحرق القمامة.. والطبلاوي
البابا تواضروس الثاني بابا الاسكندرية قرر إغلاق صفحته علي "الفيس بوك" قائلاً في ذلك: "إن ضياع الوقت في الاهتمام بمواقع التواصل الاجتماعي صار مضيعة للعمر والحياة والنقاوة". وهو علي حق. فمواقع التواصل الاجتماعي دمرت كل شيء كان جميلاً فينا.. فلا أخلاق.. ولا ضمير ولا إحساس إنسانياً.. ولا رحمة في خصومة ولا أمانة في نقل الكلمة والخبر ولا وجود إلا للشائعات والنميمة وتشويه الأبرياء وتدمير حياتهم.
ولأن ثورة يناير 2011 قد أخرجت أسوأ ما فينا. فإن مواقع التواصل الاجتماعي عكست هذه الآثار السلبية وترجمتها في حوارات عقيمة. وفي تجاوزات لم تكن معهودة قضت علي الإرث التاريخي من الأخلاق والفضيلة والعادات والتقاليد.
علي مواقع التواصل الاجتماعي حوارات وتعليقات مؤلمة لا يضيع معها العمر فقط بقدر ما يضيع معها المجتمع كله الذي أصبح لا يعرف أين الحقيقة بعد أن استطاعت السوشيال ميديا أن تفرض أجواء من الضبابية واختلاط الأوراق.
ولأننا نستعذب نقل الشائعات.. ولأننا لا نحكم عقولنا فيما نقرأ وفيما نسمع.. ولأننا أيضاً نتلذذ بسقوط الضحايا وتقطيع أجسادهم فإن الحقيقة تظل غائبة. ويضطر الشرفاء وأصحاب الخبرات والقامات الرفيعة إلي مغادرة خشبة المسرح خشية التجريح وهدم تاريخهم المهني والإنساني.
والبابا تواضروس بقرار الانسحاب من السوشيال ميديا يبعث إلي المجتمع برسالة تحذير وقلق بعد أن أدرك خطورة ما يحدث وما يمكن أن يحدث. فالناس أدمنت هذه الحياة الإلكترونية الجديدة.. والناس أصبحوا سكاري.. وما هم بسكاري..!
***
وما هذا الذي حدث في مباراة الأهلي والإسماعيلي.. لقد كشفت كاميرات نقل المباراة عن المأساة التي تنتشر في كل محافظات مصر.. عن الحرائق التي تشتعل في كل مكان.. عن حرق القمامة الذي أصبح أسلوباً وطريقة للتخلص من أكوام القمامة. فالذين تابعوا المباراة شاهدوا سحابة هائلة في الملعب تمنع الرؤية.. والدخان كان هائلاً منبعثاً من مقلب للزبالة قريب من الملعب.
وحرق القمامة علي هذا النحو ضار بالصحة والبيئة ومظهر غير حضاري يعكس مشكلة عجزنا عن حلها إلا بالحرق!!. والمواطن الذي يحرق القمامة للتخلص منها يدافع عن نفسه بأنه لا يوجد أمامه خيار آخر وأن بقاء أكوام القمامة أشد خطراً من حرقها..!
والقضية تحتاج إلي حل.. والقمامة مشكلة.. والمشكلة الأكبر أننا لم نجد حلولاً حتي الآن.
***
ويتحدثون عن جرائم السرقات التي تتزايد في المجتمعات العمرانية الجديدة. ومعظم من يرتكب هذه الجرائم من العاملين بهذه المناطق الذين يعرفون كل صغيرة وكبيرة عن السكان وأسلوب حياتهم وأوقات تواجدهم ومقدار ثرائهم أيضاً..!
ويزيد من حدة المشكلة أن بعض قاطني هذه المناطق يعيشون حياة الثراء بطريقة استفزازية وبسلوكيات وتصرفات تتحدي مشاعر "الغلابة" وتثير أحقاداً دفينة كانت خامدة.
والذين يقيمون في هذه الأحياء الراقية في حاجة إلي نوع من الوعي الأمني والمجتمعي لكي يشعروا بالأمان. وعليهم أن يعرفوا أن الفجوة ساحقة بينهم وبين من يعملون قريباً منهم في مجالات الخدمات.. وأن البعد الإنساني مطلوب في هذه التعاملات دون غرور ودون فوقية وبروح من التكافل الذي يمنع الحقد ورواسبه.
ليس معقولاً أو مقبولاً أيضاً في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي نمر بها أن يقود شاب صغير سيارة بعدة ملايين من الجنيهات ويختال بها في شوارع يقف فيها المئات في انتظار الميكروباص لينحشروا داخله.. والقضية ليست أمنية فقط.. هي قضية وعي وثقافة وحس إنساني ومجتمعي..!
***
وعاد أهل الخليج إلي القاهرة. وتكتظ الفنادق مرة أخري بأعداد كبيرة من الأشقاء من دول الخليج العربية.
وعادت مع السياحة الخليجية أنشطة أخري كانت في حالة من المعاناة بسبب ضعف الإقبال السياحي.
والناس في قطاع السياحة يستبشرون خيراً وينتظرون رواجاً أكبر وعودة ذكريات الماضي. والتفاؤل وحده ليس كافياً.. فعليهم أن يعملوا علي أن تظل السياحة الخليجية تتدفق علي مصر.. ولن يكون ذلك إلا بتحسين الخدمات والمعاملة والتوقف عن "الفهلوة" والاستغلال والبعد عن التعامل مع السائح علي أنه فريسة أو غنيمة.. السائح هو مصدر رزق ودخل للوطن في أهم صناعة نظيفة علينا أن نحافظ عليها.
***
والشيخ محمد محمود الطبلاوي نقيب قراء القرآن الكريم "زعلان".. ومن حقه أن يزعل وأن يستاء.
فالشيخ الجليل الحامل لكتاب الله بح صوته وهو ينادي بضرورة مساعدة النقابة قائلاً مراراً وتكراراً إن معاش قارئ القرآن الكريم هو 40 جنيهاً فقط..!
ولم يجد الشيخ إلا أن يناشد أصحاب الضمائر الحية من المواطنين أن يتبرعوا لأهل القرآن الكريم بصفتهم أولي بالتبرع والبر.
وأيها الشيخ الجليل من حقك أن تحزن وأن تتألم.. ووالله الواحد مكسوف وهو بيكتب هذه المشكلة..!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف