الأخبار
خالد رزق
«الإسماعيلية» التهجير ليس أفدح الخسائر..!!
مشوار

أفدح الكوارث التي حلت بالإسماعيلية ليست أن أهلها أجبروا أن يهجروها مرة.. ولا في الدمار وخراب البيوت الذي خلفته الحرب مع الصهاينة..، »الذين»‬ هُجِّروا عادوا لبيوتهم بعد سبع سنين كانوا عنواناً للتضحية وللصمود والعزم والإصرار.. والبيوت إما رممت أو أعيد بناؤها.
الذي حدث هو أن الذين هاجروا وساحوا في أرض مصر وعلي امتداد واتساع خارطتها.. كان منهم شباب فتية وفتيات في سن الزواج وكثير منهم تزوج من بلدة المهجر التي أقام بها رجال ونساء تزوجوا وعادوا إلي الإسماعيلية.
تطلبت الحاجة السكانية للأسر الجديدة وبما أضافته للتعداد السكاني كون أنصافها وافدين جددا، التوسع في إنشاء أحياء جديدة.. كانت العمالة الماهرة من أبناء المدينة محدودة جداً ولذلك استدعي الأمر استقدام عمال البناء من كل أنحاء الجمهورية.. وهؤلاء نقلوا عيشهم من محافظاتهم إلي الإسماعيلية وتزوجوا واستوطن أكثرهم حي السلام وهو الحي الأكثر عشوائية بقلب مدينة حضرية في تاريخ مصر المعاصر.
انتهت حركة إعادة الإعمار والبناء.. وتقلص حجم فرص العمل أمام أرباب أسر الآلاف من عمال التشييد والبناء.. مع الركود والكساد حل الفقر علي أبناء هذه الفئة من العمال الذين كاوا وقتها عمالة مترفة يحتفظ أفرادها بموقع المقدمة من قائمة الدخول الأكثر ارتفاعا..
الأزمة أن سكان الإسماعيلية والمستوطنين الجدد لم تكن أمامهم أي فرصة للعمل في مصانع وشركات وما إلي ذلك.. فسوق العمل في الإسماعيلية الذي قام بالأساس خدمة لقناة السويس كان بالكاد متناسباً والزيادة الطبيعية في السكان واعتمد نسق العمل لجهة في وظائف حكومية وفقط في شركات 7 إنتاجية جرت خصخصتها واغلقت وأضيف لها بعدها جامعة القناة ومصنع خاص للملابس الجاهزة ثم شركات الكهرباء في مرحلة لاحقة.. وهذه الجهة الأخيرة الكهرباء ولأسباب أقلها الصائب، واكثرها الفاسد انتهجت سياسة توظيفية اعتمدت علي استقدام الموظفين من إحدي محافظات الدلتا ومن حي إمبابة في القاهرة وبطبيعة الحال احتاج المستقدمون الجدد للسكن.. وترتب علي الأمر طفرات في أسعار العقارات أفجعت أهل الإسماعيلية الأصليين.
بعدها الإسماعيلية تعاني مخلفات الحرب علي المستوي الاجتماعي والاقتصادي.. وبعدها تسدد ضريبة تسييد الفاسدين معدومي الكفاءة المدجنين سياسياً التي تدفعها منذ وسط سبعينيات القرن الماضي..
إلي أهل الأمر.. الإسماعيلية ليست هي تلك التي تظنونها بلا مشاكل هي ليست تلك المدينة الجميلة التي في أذهانكم.. أبناء الإسماعيلية يا حضرات يواجهون قضايا الوجود والمصير الشخصي المباشر.. العمل والسكن والزواج »‬حقوق» إنسانية كونية ليس متاحا أيها حتي لمن ناهزوا الأربعين.. لا بديل عن برنامج محدد للتنمية الاقتصادية ولا بديل عن وقف كل استقدام لعمالة من غير سكانها.


تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف