فواصل
مازالت المنطقة العربية تعيش علي وقع الازمة الايرانية الامريكية، تزيد حالة التوتر وتصل إلي درجة الاشتعال، مع ماقام به الرئيس الامريكي ترامب، عندما أعلن منذ أسابيع عن انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي مع طهران، والدخول في تصريحات الوعيد، التي ردت عليها طهران عمليا بمحاولة ارباك المشهد الدولي،عن طريق احد أذرعها في اليمن جماعة الحوثيين. وتعود دول المنطقة إلي الهدوء مع طلب نفس الرئيس ترامب للحوار مع ايران يوم الثلاثاء الماضي، اذا نحن امام عدد من الأحداث والتطورات المهمة، نحاول في عجالة رصدها والبحث في تداعياتها دوليا واقليميا.
الحدث الاول، جرت وقائعه في المنطقة مابين طهران والبحر الأحمر، عندما اختارت ايران ان ترد علي إجراءات ترامب بمنع ايران من تصدير نفطها، وفرض حصار اقتصادي عليها، والذي اثمر بشكل سريع في انهيار قيمة العملة، بالقول والعمل، فهي وعبر تصريحات رسمية من اكبر مسئوليها عادت للحديث عن إغلاق مضيق هرمز، والذي يمثل تهديدا صريحا لحركة التجارة، فعلت ايران ذلك وهي تدرك بأنها امر ان الم يكن مستحيلا فهو صعب التنفيذ،ويتطلب جهداً هائلاً من البحرية الإيرانية والحرس الثوري،،كما أنه يستدعي استجابة عاجلة من قبل القوات البحرية الأمريكية الموجودة في الخليج. وقد يكون سببا في اندلاع حرب في الإقليم »لاتبقي ولاتذر»،وهو امر يتفاداه الجميع، الذي يجيد لعبة الوقوف ثم التراجع عند حافة الهاويةً، ايران اختارت المتاح، وحركت اذرعها في اليمن للقيام بالمهمة بالوكالة عن طريق جماعة الحوثي في اليمن، التي قامت بالهجوم علي ناقلات بترول سعودية في باب المندب.
السعودية بعد الحادث مارست حقها التام في الدفاع عن مصالحها، بالشكل الذي تراه بإعلان وزير البترول السعودي خالد الفالح، تعليقاً فورياً ومؤقتاً لجميع صادرات نفط بلاده عبر مضيق باب المندب،والذي تبعه اعلان الكويت انها من الممكن ان تتخذ قرارا مماثلا، السعودية نجحت في إرسال رسالة للعالم، بالمخاطر التي يمثلها وجود الحوثي، كجماعة إيرانية، في اليمن، خاصة في ظل تقاعس دول القرار الدولي علي الوقوف بحسم وحزم امام ماتقوم به ايران في اليمن عبر جماعة الحوثي،وان كان المملكة لديها من الخطط والامكانيات مايؤهلها علي التعامل مع هذه الاحداث،والانتقال إلي أدوات آخري لضمان تصدير نفطها، عبر وسائل آخري، ومن الواضح ان الاسواق المالية لم تتأثر بشكل كبير من القرار السعودي وبالتالي لم نشهد زيادات كبيرة بالاسعار نظرا إلي ان هناك معروضا نفطيا كبيرا، كما ان المملكة تمكنت من ايجاد بديل لباب المندب، ولكن بالطبع ستكون المسافة اكبر، ولكن في كل الأحوال فان الرسالة السعودية وصلت.
الحدث الثاني، كان الحوار بين طهران وواشنطن الذي انتقل من التهديد والوعيد،الي التهدئة المفاجئة عبر جهد تم بذله من سلطنة عمان عبر وزير الخارجية يوسف علوي وزير الشئون الخارجية العُماني، حيث يعود اليها الفضل في إنهاء حالة التوتر التي سادت المنطقة، خاصة وأنها مثلت قناة تواصل بين البلدين، من خلال زيارات قام بها وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف إلي السلطنة، وأعقبها جولة مباحثات اجراها بن علوي من الادارة الامريكية سواء نظيره وزير الخارجية مايك بومبيو او وزير الدفاع الامريكي، وبعدها عاد ترامب إلي طلب الحوار، ويعود النجاح العُماني في تلك المهمة للعديد من الميزات التي تتمتع بها، انها كانت محوراً مهماً بالنسبة للولايات المتحدة، ما سهَّل عليها القيام بدور خلف الكواليس وتسهيل العديد من الصفقات الدبلوماسية» وقد أشار بن علوي إلي »إن بلاده مستعدة لتقديم المساعدة لتجنب الصراع بين إيران والولايات المتحدة، وعلينا ان نتعامل مع ردود افعال ايران التي ابدت تمنعا في الرد علي طلب ترامب للحوار، بانه تحسين لبنود الصفقة وليس رفضا لها، وهو ماظهر في تصريحات حميد أبو طالبي، المستشار السياسي للرئیس الإيراني حسن روحاني، الذي قال إنه في حال رغب ترامب في إجراء محادثات فعلية مع الرئيس روحاني، أولاً عليه أن يعود للانضمام إلي الاتفاق النووي.
كل تلك التطورات والمنطقة العربية غائبة عن حالتي الصراع او التهدئة، دون استراتيجية واضحة للتعاطي مع هذا الملف، رغم انها ستدفع الثمن في الحالتين ستكون ساحة المواجهة، اذا قررت الولايات المتحدة التصعيد ليصل إلي الحل العسكري، كما ان اتفاق بين واشنطن وطهران ينتهي بصفقة دائما، ماتكون علي حساب العالم العربي، فامر الاتفاق يتعلق بشواغل الطرفين، وحاجة كل طرف من الاخر، والاتفاق النووي الذي تم التوصل اليه عام ٢٠١٥ خير دليل، حيث زادت تدخلاتها في الشئون الداخلية للعديد من الدول العربية، من العراق وسوريا واليمن والبحرين.