د. أحمد عبد الظاهر
حكومة المستقبل.. الحكومة الإلكترونية
فى المؤتمر السادس للشباب المنعقد بجامعة القاهرة يومى 28 و29 يوليو الماضى، تم الإعلان عن «المشروع القومى للبنية المعلوماتية للدولة المصرية»، الذى يهدف إلى تحديث قواعد البيانات وميكنة الخدمات عن طريق عدة محاور، هى: منصة خدمات للمواطنين المتعاملين مع الحكومة، منظومة الخطوة الواحدة للتجارة الخارجية، قواعد بيانات جغرافية مجمعة وربطها بقواعد البيانات القومية، منظومة التأمين الصحى، مشروعات تنمية 200 قرية مصرية، منصة البيانات لتمكين الجهات الحكومية من وضع السياسات والأداء، ومنظومة خدمات موحدة للشركات والكيانات الاقتصادية.
وبعد انتهاء المؤتمر السادس للشباب بيوم واحد، وبتاريخ الثلاثين من يوليو 2018م، وبمناسبة انعقاد المعرض الدولى السابع للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لتمكين الأشخاص ذوى الإعاقة، تم تدشين عدة مبادرات تستهدف هذه الفئة من فئات المجتمع، ومنها مبادرة الإتاحة التكنولوجية للبوابات الإلكترونية للمؤسسات الحكومية لتمكين ذوى الاحتياجات الخاصة من الحصول على كل الخدمات المقدمة من الجهات الحكومية عن طريق شبكة الإنترنت، دونما حاجة إلى بذل أدنى مجهود فى الانتقال والذهاب إلى الجهة الحكومية أو إهدار الوقت والمال فى ذلك. ولكى يتم تنفيذ هذه المبادرة، فإن الدولة بحاجة إلى قاعدة بيانات لجميع المواطنين وربطها مع جميع الجهات الحكومية، وكذلك شبكة إنترنت عالية الجودة، بالإضافة إلى تعليم وتدريب الموظفين على كيفية تقديم هذه الخدمة. ولا شك أن هذه المبادرات تعبر عن سياسة الدولة نحو التوجه التكنولوجى.
وتأتى هذه المبادرات بعد أيام قليلة من صدور تقرير الأمم المتحدة بشأن تنمية وتطور الحكومات الإلكترونية حول العالم 2018م، الذى يدرس حالة الحكومات الإلكترونية فى 193 دولة، هم أعضاء منظمة الأمم المتحدة. وفى هذا التقرير، جاءت مصر فى المرتبة الحادية عشرة عربياً والمرتبة 114 عالمياً. وتعتبر نتائج هذا التقرير صادمة، وذلك بالنظر لأن حالة الحكومة الإلكترونية فى مصر تقهقرت مقارنة بنتائج التقرير الصادر فى عام 2016، الذى كانت مرتبة مصر فيه 108 عالمياً. كذلك، فإن المرتبة الحادية عشرة عربياً هى مرتبة متأخرة بين الأشقاء العرب، لاسيما أن معظم الدول العربية التى جاءت بعد مصر فى الترتيب تشهد حروباً أهلية وصراعات مسلحة مثل ليبيا (المرتبة الثالثة عشرة عربياً و140 عالمياً)، وسوريا (المرتبة الرابعة عشرة عربياً و152 عالمياً)، العراق (الخامسة عشرة عربياً و155 عالمياً)، السودان (السادسة عشرة عربياً و180 عالمياً) واليمن (السابعة عشرة عربياً و186 عالمياً). والمأمول هو أن تسهم هذه المبادرات فى تحسين ترتيب مصر فى التقرير المقبل المتوقع صدوره عام 2020م.
كذلك، تأتى هذه المبادرات بعد أيام قليلة من مناقشة برنامج حكومة المهندس مصطفى مدبولى فى مجلس النواب وحصولها على ثقة ممثلى الشعب. وقد كنا نتمنى أن يفسح برنامج الحكومة مساحة كبيرة لموضوع الحكومة الإلكترونية، بحيث يتم وضع استراتيجية شاملة وسياسة متكاملة لتحقيق هذا الهدف مع وضع توقيتات محددة لمراحل التنفيذ، الأمر الذى يتسنى معه تحديد تاريخ التحول الكامل نحو الحكومة الإلكترونية. وربما كان من الأفضل أن يتم إفراغ استراتيجية الحكومة الإلكترونية فى شكل قانون، كما هو الشأن فى الولايات المتحدة الأمريكية التى أصدرت قانون الحكومة الإلكترونية لعام 2002م، وكما هو الحال فى دولة النمسا التى أصدرت فى العام 2004 قانوناً فيدرالياً بشأن أحكام تيسير الاتصالات الإلكترونية مع الهيئات العامة (الحكومة الإلكترونية).
والله من وراء القصد.