سيد عبد الجواد
الزهور الجميلة ثمار حديقة الفضيلة
علمتني الحياة كم هي دروسها كثيرة.. لمن يفهم.. فالقلوب التي يغمرها الرضا والحب مدن مزدهرة لا يغادرها الربيع أبداً.. لذلك يكون ضرورياً أن تنتصر بابتسامتك وترتقي بكلماتك.. تذكر أن الأمطار.. لا الرعد هي التي تنبت الزهور.
هذه أولي كلمات أثارت اهتمامي صاحبتها جارتنا الأستاذة بالجامعة ويعرفها سكان حينا ويشهدون لها بمساعدة المساكين وتدعم دور الأيتام وتواصل الجهد والعطاء لخدمة البسطاء.
في حوار معها بعد أن هنأتها علي نجاح وتفوق ابنتها آخر العنقود في الثانوية العامة وتناولت الحدث بالشرح: هذا التفوق صنعه أيضاً شريك عمري رغم رحيله إلي أعالي الجنات منذ سنوات.. أجمل إنسان الحريص علي أن تكون حياته في الدنيا نوراً وعطوراً.. وعندما نجحت تمنيت في قرارة نفسي أن تصبح فلذة كبدي طبيبة تخص بعلمها الناس الغلابة.. لنكمل رسالة ابني الأول الضابط الذي يحمي ترابنا المقدس والثاني المعيد بالجامعة لتستمر مسيرتي.
وجاءت الفرصة لأسألها عن مشوار حياتها كيف تراه؟.. أجابت: أنا مثل "أبوالهول" القوة والتحدي.. أحياناً أصاب بالألم بسبب طعنات الأغبياء. لكن الله معي يمنحني القوة والصبر لاستطيع مواجهة الأزمات.. عندما اختلي بنفسي أقول: الوطن يقوم علي كاهل ثلاثة: فلاح يغذيه وجندي يحميه ومعلم يربيه.. وصانع المعروف يرزقه الله الصحة والسعادة.
***
إن حديقة الفضيلة.. لا تحتاج إلي مساحات شاسعة كي تقام عليها.. أو أسوار تحيط بها.. لأنها سلوك داخل النفس يتوارثه الأطهار الأنقياء بشرط أن يكون البستاني هو الأب أو الأم.. أو هما معاً.. يسهران علي إعداد النبت الأخضر منذ وضع البذور حتي إثمار الأشجار.. والمسألة ليست بالحديث والكلام.. وإلقاء الأوامر هنا وهناك. ولكن التفاهم أولاً بعد اكتشاف نفسية الصغار.. وأي البوصلات تناسب تحقيق الأحلام.. ثم تقديم القدوة في جميع التفاصيل مهما كان العناء.. ولا ننسي أن روح المبادرة هي التي صنعت الحضارة وصانتها بالجهد والعرق والمساواة والإيمان.. الحياة واسعة وحديقة الفضيلة لا تأخذ مكانها.. لكن النفس الطاهرة تستوعب جميع الأحلام.
***
صدقوني.. سجلوا تجاربكم وما يمر بكم في النهار قبل النوم.. إنه السر الذي يصنع الفلاسفة والحكماء.. ورسالتي الأخيرة مصابيح مضيئة للإمام الشافعي: لا تحاول الانتصار في كل الاختلافات.. فكسب القلوب أولي من كسب المواقف.. لا تهدم الجسور التي بنيتها وعبرتها. فربما تحتاجها للعودة يوماً ما.. اكره الخطأ دائماً.. لكن لا تكره المخطئ.. وأبغض بكل قلبك المعصية.. لكن سامح وارحم العاصي.. انتقد القول.. لكن احترم القائل.. فإن مهمتنا أن نقضي علي المرض.. لا علي المرضي.