المصريون
محمود سلطان
يا بلد معاندة نفسها.. يا كل حاجة وعكسها!
فيلم "عسل أسود" بطولة النجم الجميل أحمد حلمي.. يعتبر واحدًا من أفضل أفلام الكوميديا التي ظهرت في السنوات العشر الأخيرة.. لم يكن كافيًا حصوله على أربع جوائز في المركز الكاثوليكي في مايو 2011.. لأنه ـ فعلا ـ عمل من "الوزن الدولي" الثقيل.
الفيلم أنتج عام 2010، أي قبل الثورة، ولعله كان "إشارة" تستشرف المستقبل القريب.. فأحداثه أنارت تضاريس مصر "المظلمة".. وبينت كيف أسست الطبقة الحاكمة، معمارًا اجتماعيًا "فاسدًا" ومتهرئا، لن يقوى على أن يستمر على هذا النحو طويلاً.. وفي المشهد الأخير لخص تفاصيل الانتهاكات التي يتعرض لها المواطن المصري، لأنه فقط "مصري".. وأنه لا وزن له ولا قيمة، وتكفي هويته المصرية لقتله، إن لم يكن كمدًا من سوء المعاملة والإهانات اليومية في كل مكان بمجرد خروجه من بيته.. أو بإهماله حال مرضه إلى أن يموت بجرعة دواء رخيصة وفاسدة.
الفيلم يختتم سرديته بمشهد أخير، عندما قرر أحمد حلمي "مصري سيد العربي" الهروب من "جحيم" الحياة في مصر، ليعود إلى أمريكا التي عاش فيها ويحمل جواز سفرها.. لكنه فى الطائرة شعر بعدم قدرته على الابتعاد عن مصر، فادعى المرض لتعود به الطائرة، ولأنه مصري فقد عرض عليه الكابتن هو متكاسل وعاصر على نفسه ليمونة، مسكنًا "حبة أسبرين"، ولكن عندما علم أنه يمتلك جوازًا أمريكيًا رجع إلى كبينته قلقًا ومفزوعًا وبسرعة، عاد بالطائرة للمطار في الحال لعلاجه.
لكن تبقى أغنية ريهام عبد الحكيم "بالورقة والقلم" هي نجم الفيلم على الإطلاق، ربما يستغرب البعض ذلك، يعتبره مبالغة ليست في محلها، ولكن إذا قرأت الكلمات واستمعت إلى ريهام، ستجد نفسك أمام أغنية لخصت بعمق أزمة نظام سياسي مقبل على الانهيار.. ولا يمكن له عقلا ولا منطقا، أن يستمر متماسكًا لوقت طويل.


تأمل معي الكلمات التي كتبها نور عبد الله:

بالورقة والقلم
خدتينى 100 ألم
أنا شفت فيكي مرمطة وعرفت مين اللى اتظلم
ليه اللى جايلك أجنبى
عارفة عليه تطبطبى
وتركِّبى الوش الخشب وعلى اللى منك تقلبى
عارفة سواد العسل؟
أهو ده اللى حالك ليه وصل
إزاى قوليلى مكملة وكل ده فيكى حصل؟
يا بلد معاندة نفسها
يا كل حاجة وعكسها
إزاى وأنا صبرى انتهى لسه بشوف فيكى أمل؟!
طرداك وهى بتحضنك
وهو ده اللى يجننك
بلد ما تعرف لو ساكِنْها ولا هى بتسْكُنك
بتسرقك وتسلفك
ظلماك وبرضه بتنصفك
إزاى فى حضنك ملمومين وانتى على حالك كده؟!

انتهى
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف