الأهرام
فريدة الشوباشى
المصارحة.. أفضل سلاح
أعتقد أن من أهم أسباب صمود شعبية الرئيس عبد الفتاح السيسي، رغم الحرب الشعواء التى تهب رياحها عليه، وبالتالى على مصر من جهات عديدة، هو مصارحته الشعب بحقيقة الأوضاع، فهو لم يدع يوما أن بيده عصا سحرية يستطيع أن يمحو بها ما وصلنا اليه فى العقود الأخيرة من تراجع على أكثر من صعيد.. وقد شعرت الأغلبية الساحقة من المصريين بتفاؤل شديد بالنسبة للمستقبل بعد أن شخص الرئيس مراكز القصور والتقصير التى طبعت الحياة ومن ثم أعلن أن أولويات ولايته الحالية هى التعليم والصحة والثقافة أى القوة الناعمة التى تميزت بها مصر.

والحق يقال إن التدهور فى هذه المجالات الثلاثة كان قد وصل الى درجة الخطر، ومن هنا كان الترحيب العميق بالاهتمام بتطوير التعليم وتأسيس نظام التأمين الصحى وعلاج المرضي، على اعتبار أن العقل السليم فى الجسم السليم، وكانت لفتة انتظرناها طويلا، وأعنى بها استعادة مصر ريادتها الثقافية والفنية بعد تشويه الشخصية المصرية، عمدا فى رأيي، من خلال أفلام ومسلسلات بعيدة تماما عن جوهر الهوية المصرية. وقد كان واضحا أن الرئيس يراهن على الشعب المصرى بوجه عام وعلى الشباب بوجه خاص، حيث إن الشباب هم المستقبل بلا أدنى شك, وقد شاهدنا كيف تفاعل الشباب مع الرئيس، وقد أيقن أن الرئيس السيسى لا يعمل له البحر طحينة، ويغرقه فى الأوهام، بل صارحه بالصعوبات المتراكمة والتى لمستها شخصيا فى لقاء مع وزير النقل الأسبق الدكتور المهندس إبراهيم الدميري، عندما سألته لماذا لا نستخدم السكك الحديدية فى نقل البضائع بدلا من استخدام عربات النقل التى ندفع ثمن وقودها وتتحمل الدولة المليارات لعلاج مرضى التلوث الناجم عن عادم المازوت المنبعث من سيارات النقل! رد السيد الوزير يومها بأن السكك الحديدية شبه منتهية الصلاحية، فلا توجد قطع غيار لها كما لا تخصص لها الدولة ميزانية!.

ومن هنا كانت مصارحة الرئيس بصعوبة الوضع هى أفضل سبيل للتغلب عليها لا سيما وأن الدولة خطت خطوات عملاقة فى مجال البنية التحتية وهو ما يشهد به القاصى والدانى باستثناء الأعداء الذين يلجأون إلى تشويه كل شيء والانتقاص من قدر كل إنجاز بدعوى أن المطلب الملح الآن هو الطعام، وعبر عاصفة الشائعات التى أطلقوها لإثارة الرأى العام وإشاعة الفوضى حاولوا إقناع بسطاء الناس بأن الطعام هو المطلب الملح الذى يجب أن يعلو على أى حلم كان حتى لو كان التعليم المواكب للعصر والعلاج الذى يحترم آدمية الانسان ونظام التأمين الصحى الذى يشيع الطمأنينة فى النفوس القلقة من هول آثار المرض فى بعض الأحيان. الرئيس صارح الشباب بأنه لا مناص من الاعتراف بأننا تقهقرنا تقهقرا محزنا وأننا مطالبون بإصلاح الوضع حتى لو استدعى الأمر أن نأكل اليوم ربع رغيف وغدا نصف رغيف وبعدها نأكل رغيفا كل يوم بدلا من أن نأكل اليوم رغيفا وغدا نصف رغيف وبعد غد ربع رغيف، ثم لا نجد كسرة خبز بعدها، خاصة أن الحياة لن تنتهى بنا بل علينا أن نفكر فى أولادنا وأحفادنا والأجيال القادمة وعلى أساس أن يحقق كل جيل أحلاما اوسع من الذى سبقه، فهكذا تعيش الأمم المتطلعة إلى الأفضل.

نحن إذن امام رئيس لا يبيع لنا الوهم بحثا عن شعبية عابرة بل هو يبصرنا بطريق الخلاص الذى لا بديل له وهو العمل والبناء فى كل الميادين، فى التعليم فى الصحة فى الثقافة، فى فتح آفاق جديدة فى كل يوم، مثل ما تبشر به اكتشافات البترول والغاز ومحطات الكهرباء العملاقة، وتحتاج هذه المصارحة المحمودة إعلاما قويا واعيا يسد جميع الثغرات فى وجه الشائعات المغرضة الخبيثة ويكون بمنزلة الجسر المتواصل بين القيادة والشعب.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف