المصرى اليوم
عباس الطرابيلى
أسواق القاهرة.. تتحرك!
الأسواق كائن حى، يعيش تماماً كما يعيش الناس.. ونشأت الأسواق زمان ليس حول تواجد الناس.. ولكن حيث تتجمع المواد، غذائية وغيرها وبالذات عند الموانئ نهرية، أو بحرية.. وفى القاهرة - مثلاً - قامت الأسواق عند روض الفرج وبولاق «أبوالعلا» وأثر النبى فى مصر العتيقة.. ومع التطور أصبحت منطقة الأزهر والحسين هى أكبر أسواقنا للأقمشة فى الغورية والحمزاوى والسكة الجديدة، أى الموسكى.. وتجمع تجارة العطارة.. تماماً كما تجمع باعة الذهب أى الصاغة.. ولكن مع عصر التحديث للقاهرة تحركت الأسواق غرباً أكثر فوصلت إلى العتبة الخضراء.. سواء للأقمشة أو لكل ما يؤكل.. وهذا اقتضى أن طلب التجار الأجانب من محمد على باشا «رئيس مصر» أن يشق لهم طريقاً إلى العتبة لتسهيل حركتهم.. فكان شارع الموسكى، الذى مازال يحمل حتى الآن اسم «السكة الجديدة»، رغم أن اسمه الرسمى «جوهر القائد».

ولكن مع عصر الخديو إسماعيل واتساع مساحة القاهرة عندما عبرت الخليج المصرى وتجاوزته غرباً ونشوء القاهرة الخديوية.. تحركت الأسواق غرباً أكثر فوجدنا الأسواق العصرية فى شوارع: قصر النيل وسليمان باشا وشريف وعدلى وثروت.. وإن تحركت دور السينما وقبلها البارات ودور اللهو إلى عماد الدين وتركت روض الفرج.. وأصبحت هذه الشوارع هى «قصبة القاهرة» الخديوية، والقصبة هى المكان الذى يتوسط المدينة، تماماً كما كان شارع المعز هو قصبة القاهرة الفاطمية الذى تجمعت فيه كل الأسواق: الخيمية، النحاسين، المغربلين، الوراقين، السيوفية، حتى الرواسين أى باعة رؤوس الماشية.. والدهان - والدهن هنا ليس ما يؤكل.. ولكنه الزيوت العطرية!! وكما يعرف الناس كانت الملابس الجاهزة «والموضة» تنزل وتراها فى أسواقها الجديدة فى القاهرة الخديوية.. وكانت خروجاتنا دائماً إلى هذه الأسواق للتنزه والمشاهدة.. دون تحرش أو كلمة غير مهذبة.

ولكن- وبسبب الزحام وصعوبة الوصول إلى هذه الأسواق- تحركت المحال والأسواق مرة أخرى.. وهذه المرة إلى المناطق السكنية الجديدة فى المهندسين.

■ ■ وتحركت الأسواق مع تحركها فى المهندسين إلى مصر الجديدة وبالذات ميدان روكسى ثم إبراهيم اللقانى ودمشق والكوربة. ولكن اللافت للنظر أنه حتى سرادقات العزاء كانت تتحرك أيضاً ولم يعد «عمر مكرم» هو الوحيد.. بل بحث الناس إلى أن وصلوا إلى الحامدية الشاذلية.. والكواكبى.. غرب النيل.. وإلى عمر بن عبدالعزيز فى مصر الجديدة وبالقرب من الميريلاند، وهكذا امتدت أماكن العزاء إلى الأحياء الجديدة.. وإلى المساجد الجديدة للشرطة وللقوات المسلحة.. سواء فى السادس من أكتوبر أو فى التجمع الخامس.

تلك هى حركة التاريخ.. وحركة التطور الطبيعى التى شملت كل مناحى الحياة.. هل راقبنا كل ذلك؟!.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف