فيتو
بشير حسن
النزيل ٦٠١
الوهم هو السبيل الوحيد للهروب من الواقع، وهو العلاج الذي يقره الشخص لنفسه كلما كان واقعه مترديًا، وينتشر هذا النوع من العلاج في الفترات التي تعاني فيها المجتمعات من متغيرات نتجت عن أحداث جسام، وقد تخطى الوهم في مصر كونه مسكنًا أو علاجًا، وصار تجارة رائجة، وزراعة وجدت من أحداث يناير تربة خصبة، تنمو فيها الخيالات المريضة التي تتغذى على الكذب والفهلوة والمراوغة، حتى إذا جاء موسم الحصاد كان المرار أهم الثمار.

مسكنات الوهم يستخدمها المواطن البسيط، الذي يحلم بواقع أفضل، ويتاجر فيها الكذابون، ويزرعها المنافقون، والتجار والمزارعون هم من نعنيهم هنا، حيث وجدوا في خلخلة المجتمع منفذًا لبضاعتهم، يعزفون على عوز البسطاء، ويراوغون أصحاب القرار، منتهزين رغبة الجميع في تحقيق إنجازات في شتى المجالات.

تجار الوهم أنشأوا جمعيات خيرية، وجعلوا من المرض (سبوبة) يتربحون بها، فحاولوا القفز على إنجازات الحكومة ليكونوا في الصدارة، تاجروا بالقوافل الطبية، وضخموا من مساهماتهم في علاج فيروس (سي) التي لا تتناسب مع حجم ما جمعوه من تبرعات.

وفي المقابل.. يقف أصحاب الأيادي البيضاء على أرضية وطنية، تتوارى ذواتهم خلف إنجازاتهم، صحة المواطن هي شغلهم الشاغل، يتاجرون مع الله بدعوة مريض تعافى، أو فقير يحتاج لعلاج، ورغم ذلك يتعقبهم تجار الوهم لطمس وتشويه إنجازاتهم.

في مؤتمر الشباب الأخير.. وأثناء عرض وزيرة الصحة لما تم إنجازه في مشروع القضاء على طوابير الانتظار في المستشفيات.. لمحت ضمن ما عرضته الوزيرة أنه تم زراعة أكباد لست حالات كانت في قوائم الانتظار، ولأن الحديث عن زراعة الكبد يأخذني دائمًا إلى جامعة المنصورة، حيث مركز الزراعة الذي أسسه العالم الكبير الدكتور محمد عبدالوهاب، سألت عن الجهة التي زرعت أكباد للحالات الست التي وردت في تقرير الوزيرة، فاكتشفت أن خمس حالات منها تمت في مركز جامعة المنصورة..

ثم أيقنت أن الخير في هذه الأمة إلى يوم الدين كما قال رسولنا الكريم.

فبعيدًا عن الصخب والفهلوة وتجارة الوهم.. تسعى جامعة المنصورة من خلال رئيسها الدكتور محمد القناوي لتفعيل كل قرارات الرئيس، من خلال التعامل مع الطب على أنه رسالة لا سبوبة، والدليل على ذلك تلك السيمفونية الملائكية التي يعزفها هذا الرجل مع مركزي زراعة الكلى والكبد، ويكفي هذا التقرير المنشور عن الدكتور محمد عبدالوهاب، الذي تضمن قيامه بزراعة ٦٠٠ كبد لمرضى من مختلف محافظات مصر، منها ١٢ حالة من دول عربية مثل اليمن وليبيا وسوريا وفلسطين..

وذلك بناء على قرار من رئيس الجامعة بالتعامل مع مرضى الدول العربية التي تعاني بسبب عدم الاستقرار بنفس الطريقة التي يعامل بها المصريون، وها هو النزيل رقم ٦٠١ يحمل الجنسية الأردنية، أما ما يدعو للفخر فهي نسبة نجاح عمليات الزراعة التي تخطت ٩٦ في المائة، وهو ما جعل مصر تتبوأ صدارة الشرق الأوسط في هذا المجال.

مركز زراعة الكبد في جامعة المنصورة كان يستحق الشكر من الدكتورة هالة زايد أثناء عرضها إنجازات الوزارة في مؤتمر الشباب، ويستحق أيضًا تكريمًا من الدولة، وهذا أضعف الإيمان.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف