الجمهورية
محمد منازع
فتنة الأطفال!!
بين عشية وضحاها.. وقبل أن ننتهي من أزمة الشائعات التي كدرت صفو المصريين خلال الأسابيع الماضية. خرجت علينا فتنة الأطفال المتهمين بتهريب بضائع من بورسعيد.. وأصبحت القضية مثار اهتمام وسائل الإعلام.. وبرامج التوك شو في الفضائيات.. وطغت علي مواقع التواصل الاجتماعي.
في لحظات.. كان الجميع يتحدثون عن هؤلاء الأطفال.. وكثرت الفتاوي.. وتضاربت الآراء.. وانقسم الناس إلي فرق وجماعات.. كلها مختلفة ومتعارضة.. افتقدت الرشد والوفاق والتوافق.. وكأن ذلك مقصود ومدبر.
وجدنا من يطالب بإعدام هؤلاء الصغار.. لأنهم بذرة شيطانية يجب أن تقتلع قبل أن تنمو ويستفحل خطرها.. وكي لا يتحولوا إلي قنابل موقوتة تهدد المجتمع كله.. ويمكن أن تنفجر في أي لحظة.
ووجدنا من يري أنهم ضحايا لعصابات.. أو أشخاص كبار آخرين.. دفعوا بهم إلي عالم الجريمة والحرام.. وتواروا هم خلف الستار.. وسقط الصغار وهم الذين يدفعون الثمن.. بينما الكبار في أمان.
ووجدنا من يخرج بالموضوع عن أصله.. فيترك الواقعة الأساسية وهي عملية التهريب ويهتم بالحوار الذي تم إجراؤه مع الصغار وهم مكبلون بالقيود.. ودافعوا عنهم مستنكرين هذا المشهد.. ولم يستنكروا الجريمة التي ارتكبها هؤلاء الأطفال.
كذلك وجدنا من يدافع عن الأطفال باعتبارهم ملائكة.. واستبعدوا أن تكون لهم يد في عملية التهريب.. وحتي لو ارتكبوا الواقعة فلا يجوز حسابهم ولا القبض عليهم ولا التشهير بهم.. لأنهم صغار ولا يعرفون الجمرة من التمرة.
هذا الجدل والسفسطة.. صنعت من الحبة قبة.. فالأمر لا يتعدي كونه عملية تهريب.. ضبطتها السلطات المختصة.. وتم إحالتها إلي النيابة التي تولت التحقيق فيها واتخذت قراراتها طبقاً للقانون.. لذا لم يكن هناك أي داع لهذه الزوبعة التي شارك فيها الحابل والنابل بلا وعي.
لا أدري لماذا أصبحنا نختلق المشاكل.. ولماذا نغرق أنفسنا فيها.. هل هو فراغ.. أم هناك من يقصد أن يشغلنا بأمور وهمية ويدفع بنا وسط العواصف والأمواج؟
مازلنا نحتاج إلي المزيد من الوعي واليقظة.. وعدم الاندفاع.. والخوض مع الخائضين حتي فيما لا يعنينا.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف