الأهرام
د. عمرو عبد السميع
داعش وحلمى هلال
نادرا ما أعلق على ما ينتشر ويذيع على صفحات التواصل الاجتماعى، إلا أن بعض ما أطالعه فيها يستحق أن يكون مادة لنقاش عام كبير، ومن ذلك ما قرأته بقلم الكاتب محمد حلمى هلال، إذ راح يروى قصة قيام السيدات ـ فى العربة المخصصة لهن بمترو الأنفاق ـ بمنع فتاة من الجلوس على كرسى شاغر، لأنها غير محجبة، والأولى بالجلوس فى المكان ـ فى رأيهن ـ امرأة صائمة.. ثم تساءل الأستاذ محمد حلمى هلال: لماذا تبحث الدولة عن حركة داعش فى ليبيا؟ إنها فى عربات مترو الأنفاق الذى أصبح مقرا رسميا لها.

ورواية الكاتب هى تكرار لمواقف كثيرة شاهدناها فى سياق حياتنا اليومية، ولكنه حكى عن واحد من أكثرها وضوحا، وهو يشير إلى لون من ألوان التفكير صار رائجا فى عقول نسبة كبيرة من المصريين، ويعد نتيجة مباشرة لغسيل المخ الدينى الذى تعرضنا له فيما بعد هزيمة عام 1967، وظل يتنامى حتى أوشك الإمساك بتلابيب الحياة العامة كلها، وفرض سطوته على قرارات وإجراءات حكومية بحجة الانتصار للدين، وهى فى الواقع لتأكيد سلطة المرجعية الدينية التى يمثلها بعض المشايخ وأمراء الإرهاب على قرار الدولة، وشيئا فشيئا صرنا نسمع عن تخصيص عربات فى المترو للسيدات، ثم مدرجات فى الجامعة للفتيات، ثم شواطئ وبلاجات للنساء، بينما لم نكن نرى فى مصر بعصورها السوية المحترمة أى تجاوز تتعرض له النساء جراء الخُلطة مع الرجال فى تلك العربات أو المدرجات أو البلاجات.. إن دول شبه الجزيرة العربية التى استوردنا منها هذا الفكر تتحرر الآن من قيوده وتنطلق نحو آفاق طبيعية ليس فيها هذا التمييز أو العقلية المسكونة بهاجس المرأة على هذا النحو المتأزم والمعتم.

لقد آن لمصر أن تعلم الناس فهما جديدا للحياة يخلو من تلك الأمراض. وقد ذكر الأستاذ محمد حلمى هلال أن الفتاة التى تعرضت لذلك الموقف هى طبيبة ومسلمة وصائمة، وهذا فى الحقيقة لا يفرق فليس من حق أى أحد أن يفرض على الناس سلطة غير سلطة القانون، لا بل ويجب علينا أن نغير القوانين التى فرضها علينا التطرف، ليعيش الناس فى ظل المواطنة حياة ليس فيها تمييز من أى نوع.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف