في الصميم
لا أعرف كيف سيكون الأمر في زمن التعليم بـ »التابلت».. لكن الواقع أن أطفالنا كانوا حتي اليوم يدرسون ما كنا نتلقاه قبل عقود، ويقرأون أن المناخ عندنا »حار جاف صيفا.. دافئ ممطر شتاء» !!
تغيرت الظروف حتي وصلنا إلي ما نشهده في الصيف الحالي، ومازالت الوزارة تؤكد أن الجو »حار جاف صيفا»!! كنا نعرف ارتفاع درجات الحرارة بهذا الشكل في أيام نادرة، فأصبح علينا أن نسعد حين تهبط درجة الحرارة إلي ما دون الاربعين، وأن نبحث منذ بداية الصيف عن نسمة هواء وسط معدلات رطوبة لم نعرفها من قبل !!
بالطبع سوف نجد بعض العزاء حين ننظر حولنا، فنجد أننا لسنا وحدنا في مواجهة هذه التغيرات الجوية العنيفة. الامر ليس جديدا في الصحراء العربية، لكن المثير هنا ما تواجهه أوروبا هذا العام. الحرائق تجتاح أسبانيا والبرتغال بعد أن وصلت درجة الحرارة إلي ٤٥ مع توقع بأن تصل إلي الخمسين خلال أيام. وبريطانيا وفرنسا وحتي السويد في قلب المشكلة. والمثير والمقلق هو ما بدأ العلماء يتحدثون عنه من أننا لسنا أمام موجة طارئة، بل إن هذا الامر قد يكون حالة دائمة علي الجميع أن يستعد لها.
العالم كله يواجه أزمة تهدد الحياة. والعالم كله مطالب ببذل الجهد المشترك لدرء المخاطر الهائلة ما بين جفاف يضرب أجزاء من العالم، وفيضانات تدمر أجزاء أخري. وما بين قلة المطر في مناطق، وذوبان الثلوج والسيول الهائلة في مناطق أخري. وما بين درجات حرارة يتوقع البعض أن تتجاوز الستين لتقتل الحياة في بعض الدول أو مدن بأكملها يمكن أن تجرفها المياه مع ارتفاع الحرارة .
لدينا العلماء علي أفضل مستوي، ولدينا فرصة التعاون مع دول البحر المتوسط التي تتعرض لنفس ظروفنا، ولدينا الوعي الكامل بأهمية التعاون مع دول افريقيا وخاصة دول حوض النيل.. والمهم ألا نتأخر في المواجهة المطلوبة ولا في وضع أسس التعاون المشترك لدرء المخاطر. والمهم أيضا أن نتجاوز الوقوف طويلا في محطة »حار جاف صيفا» كما تعلمنا منذ الصغر.. وقبل ان تشوينا الحرارة الملتهبة ونغرق في الرطوبة التي تمنع الهواء.
أقول ذلك وأنا أدرك أن البعض سيظل يردد ما حفظه من أن الجو »حار جاف صيفا» حتي وهو لا يلتقط أنفاسه.. أليس هناك من يريدون أن نظل محكومين بآراء فقهاء العصور الوسطي، ويصرون علي أن نظل نتداوي بشرب بول الإبل؟!