جلال دويدار
التكــدس الوظيفـــي الحكومـــي عائق للانتاج والانجاز والنهوض
خواطر
ان كارثة التكدس الوظيفي في الحكومة واجهزتها لا تقتصر علي الأعباء المالية والاستهلاك السلبي لتواجدهم في مواقع العمل وشغل الشوارع والمواصلات.. ولكن الاسوأ هو أنهم لا يعملون ولا ينجزون ما هو مطلوب منهم. هذا الواقع ينطبق وللأسف علي هذه الملايين من الموظفين الذين يخاصمون الضمير والقيم بعدم تأدية مهام وظائفهم.. ولكن الأخطر ان هذه الصفة السلبية اصبحت سمة أساسية من العمالة المصرية العامة والخاصة.
لم يعد خافياً أن هذا التوجه ما هو إلا وليد العديد من القوانين التي صدرت في ستينيات القرن الماضي التي استهدفت في ظاهرها الاصلاح الاقتصادي والاجتماعي ولكنها للاسف كانت في باطنها مشجعة ومحفزة علي عدم العمل والانتاج. هذا السلوك وللاسف كان وراء حالة التخلف والمصاعب الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها الدولة المصرية وادت انعكاساتها إلي الانحطاط بالمستوي المعيشي لغالبية المواطنين.
هذا الوضع ساهم فيه عدم دراية القيادات السياسية والادارية في هذه الفترة لمتطلبات الادارة الرشيدة لشئون الدولة. كان دافعهم إلي ذلك الاستحواذ علي تأييد ومساندة الاغلبية التي كانت تعاني ووجدت فرصتها في التنفس غير الصحي فيما كان يتم اصداره من قوانين مازالت سارية حتي اليوم.
لا يمكن القول ان من تسببوا في هذه الحالة كانوا يدركون نتيجة قراراتهم واجراءاتهم. كل الملابسات تقول انهم أقدموا عليها بحسن نية والرغبة في الاصلاح وهو ما يمكن ان ينطبق عليه »حكاية الدب الذي قتل صاحبه».. من المؤكد ان هذه التقديرات والأخطاء التي وقعوا فيها كانت محصلة نقص الخبرة السياسية. يضاف إلي ذلك عدم الالتفات أو الاهتمام بقبول نصائح المتخصصين عملاً بمبدأ الاعتماد علي أهل الثقة واستبعاد أهل الخبرة.
انطلاقاً من استمرار هذا المسلسل وما ارتبط به من تداعيات علي مدي عدة عقود.. تمثل العائد في كم هائل من التراكمات التي ادت الي هذه التركة الثقيلة من المشاكل، أنه يآتي في مقدمتها هذه التخمة في اعداد الموظفين العاملين باجهزة الدولة.
هذه العمالة التي تجاوزت اعدادها كل الحدود وبمرور الوقت أصبحت عبئا مالياً علي الموازنة العامة وعقبة أمام الانجاز وبالتالي النهوض والتقدم. ان تكدسهم في الوزارات واجهزة الدولة المختلفة تحولت إلي عناصر فساد وتعويق لانهاء الاعمال المطلوبة والمستهدفة علاوة علي ما يحملونه للدولة من تكاليف مالية أخري في كافة المجالات.
ليس من سبيل لمعالجة هذه الآفة والتي سوف تحتاج لعدة سنوات سوي نجاح برامج الاصلاح الاقتصادي. إنه الامل في فتح المجال أمام الاستثمار واقامة المشروعات التي توفر فرص عمل لاستيعاب الاجيال الجديدة من العمالة بإمكانات وحوافز مميزة. تحقيق هذا الهدف سوف يقضي علي الشعار السائد بأنه ليس هناك أحلي من »الوظيفة الميري».
ان الدولة إذا كانت حقا جادة في التوصل الخلاص من التكدس الوظيفي الذي يثقل كاهلها ويعطل مسيرة العمل والانتاج.. عليها ان تعمل كل ما تستطيع بالتوعية وفتح الأبواب لتشجيع التوسع في كل انواع الاستثمار المنتج. تحقيق هذا الهدف سوف يكون عائده نهوضا اقتصاديا واجتماعيا وأنهاء لمشكلة الفقر الذي يشهد تزايدا في المجتمع.