فاروق جويدة
هوامش حرة - الذكرى.. دواء للمحبين
فى أسواق المعاملات الإنسانية تتدرج القيمة والأهمية ما بين الحب..والزمالة..والصداقة..وأكبر الخسائر فى حياة الإنسان هى الحب والصداقة..ورغم أن الحب قد يأتى فجأة فانه يرحل بلا استئذان..إنه يشبه الطيور لا تعرف أين سكنت وكيف رحلت وأى أرض ارتاحت عليها..
الحب إحساس فيه قدر كبير من الأنانية وحب الذات، إنه لا يعترف بشىء آخر غير نفسه ومكانته ولهذا فإن كبرياء الحب أحيانا يكون نهايته وهو قدر جميل ولكن لا تأمن له دائما لأن أى عاصفة صغيرة يمكن أن تلقى به بعيدا..وأصعب الجراح التى قد لا تلتئم بسهولة حين يجىء الجرح من حبيب كان الأمل والحلم والملاذ..
وإذا رأيت الحب يحمل أشياءه ويرحل فلن يحدث ذلك إلا بعد أيام شقاء ومعاناة وألم رغم أن الحب يختار ساعة رحيله إلا انه قد يؤجل كل شىء على أمل أن يعود العقل إلى صوابه ويعود النبض للقلب المتعب الحزين..لا تخسر حبيبا لأن الحب قدر لا يعوض وهو من الخسائر الكبرى فى حياة البشر وللأسف الشديد أنه خسارة يمكن أن تحدث لأسباب واهية فى كلمات عتاب أو غضب أو جنون..
أما الصداقة فهى اغلى الأشياء ثمنا فى حياة الإنسان وإذا كانت الأقدار تختار لنا من نحب فإن الصداقة إرادة بشرية كاملة.. فى الحب صدفة قد لا تعوض وقدر لا نستطيع الهروب منه ولكن الصداقة شجرة يزرعها الإنسان ويرعاها ويحافظ عليها.. والصداقة تصنع نفسها وتمد جسور وجودها وهى تتحمل متاعب الحياة وقسوتها أكثر مما يتحمل الحب.. ومن أسوأ الأشياء فى حياة البشر أن تتحول الصداقة إلى عداء..
والحب يمكن أن يتحول إلى كراهية أو رفض.. ولكن الصداقة يمكن أن تصبح عداوة لأى سبب من الأسباب وأسوأ الأعداء من كان لك يوما صديقا..وأسوأ صور الحب أن يتحول إلى كراهية لأن الصديق يعرف جوانب ضعفك وهو حين يتحول إلى عدو يختار المكان الذى يغرس فيه سهامه..إياك وعداوة الأصدقاء أو من كانوا أصدقاء..وإياك وكراهية المحب لأنها نار تحرق ولا تعبأ بشىء.. إذا خسرت صديقا لا تجعله عدوا لك وإذا خسرت حبيبا افتح أبوابا للذكرى لأن فيها دائما دواء للمحبين.