الأهرام
اشرف مفيد
«شدة» الغربال و«شدة» الرئيس!
فى بداية الثمانينيات وبينما كنت أذهب الى الجامعة شرق النيل بسوهاج كنت أمر على مشروع مبنى المتحف القومى المطل على اجمل بقعة فى نيل سوهاج. ومرت الأيام والشهور وانتهت سنون الدراسة فى الجامعة وتركت سوهاج لأعيش فى القاهرة من أجل تحقيق حلم الالتحاق بجريدة الأهرام العريقة وبعدها تمر السنوات عاماً بعد الآخر والمبنى لا يزال تحت الانشاء وكما هو عبارة عن بضعة أعمدة خرسانية كان يشاهدها يوميا 12 محافظاً تعاقبوا على سوهاج وكأن هذا الأمر لا يعنيهم على الرغم من أن المبنى مجاور لديوان عام المحافظة، كما تغير فى هذه السنوات أيضاً 7 وزراء للثقافة والآثار.

ويستمر هذا الإهمال نحو 30 عاما الى أن قرر الرئيس عبد الفتاح السيسى النظر بعين الاعتبار الى الصعيد والإسراع فى إنهاء كل المشروعات التى تحولت الى أطلال ومجرد أعمدة خرسانية.. بعدها تكهرب الجو وعلى الفور بدأ استئناف العمل فى إنشاء المتحف وبالفعل تم الانتهاء منه فى بضعة أشهر، وكأنه كان فى انتظار أن يكتشف الرئيس هذا الإهمال ويوجه بالانتهاء منه على الفور.

وها هو بعد أن افتتحه الرئيس السيسى منذ بضعة أيام تحول الى مركز إشعاع حضارى فى سوهاج كما تحول أيضاً إلى قبلة للمسئولين ومحط أنظار الجميع مما جعل الناس البسطاء يتوجسون خيفة بان تكون تلك الهمة والنشاط الزائد عن الحد مجرد شدة غربال فكما هو معروف فى ثقافتنا الشعبية أن الغربال الجديد له شدة سرعان ما تختفى مع مرور الوقت وكأن شيئاً لم يكن.

وعلى الرغم من كل هذه المخاوف المشروعة فإننى على يقين تام من أن المتحف سيظل بالفعل، مركزاً للإشعاع الحضارى بالصعيد لأنه أصبح داخل دائرة اهتمامات الرئيس التى تستهدف بناء الإنسان بشكل حقيقى.. الأمر الذى يدعونى الى القول بأن شدة الرئيس هى صمام الامان لهذا المتحف فهى شدة دائمة ومن نوع خاص جداً لأنها لا تتأثر بالوقت ولا تهتز بأى عوامل خارجية.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف