متي يشعر الإنسان بالسعادة؟..
السعادة شعور ُيدخل علي الانسان الفرحة والسرور ويغير من كيميا مزاجه.. فيجعله مبتسم القلب بشوش الوجه.. واذا سعد قلب الإنسان، تجد وجهه ينير وعقله ايضا.. ويطلق مراكز الارسال والاستقبال وترتفع معه شحنته الايجابية التي تنتقل بدورها لمن حوله. ويدخل السرور والفرح علي مشاعر الانسان اذا سمح لها بذلك.. ويصبح مهيأ بالفعل للتفاعل مع هذه الحالة وحتي يصل الانسان لهذه المرحلة لابد ان تغيب مؤشرات سلبية خارجية لا تسمح بمرور هذه المشاعر.
في حياتنا نشتاق كلنا للفرحة.. البعض يختزلها في نجاحه العملي.. أو يستمدها من نجاح أولاده.. الذي يشعره بأنه حصل علي ثمرة مجهوده وتعبه.
الإنسان السوي هو الذي يتفاعل مع كل ما حوله وكل من حوله.. وفي نفس الوقت تسمح له تركيبته البشرية بالاستعداد للدخول في حالة سعادة.. فنجد اشخاصا يتحينون الفرص للدخول في هذه الحالة.. فيسعد ويفرح لكل حدث طيب لمن حوله.. في حين ان هناك من قصر حالة السعادة علي حدوث ما يفرحه هو.. وآخرون يرون سعادتهم في تعاسة وشقاء غيرهم.. أو الشماتة فيما يحدث لغيرهم.. هذا النوع الأخير ـ ربنا يكفينا شرهم ـ سعادتهم مزيفة لأنها بنيت علي التشفي في الآخرين.
اذا اتسع صدر وقلب الانسان تحلق مشاعره علي من حوله.. لتمنحهم الحب والأمل والطمأنينة.. فتصبح الملاذ الذي يلجأون إليه.. ويهرع إليه الآخرون.. ليجدوا الأمن والطمأنة لديه.. وهذا الصنف من البشر قليلون في حياتنا.. ولكنهم موجودون ايضا.. محظوظ من وجدهم في رحلة حياته.. لانه يشعر بالسند والدعم.
السعادة ايضا في الرضا.. بأن يرضي الانسان بما قسمه الله له.. البعض يري أني اتحدث عن شيء صعب المنال في حياتنا الحاضرة المليئة بالصعاب الاقتصادية والاجتماعية.. لكن الحقيقة ان الصعاب سمة كل الأزمنة.. تجد الناس في كل زمان يشكون من أزمات اقتصادية وتدني وانحطاط الاخلاق.. ويتحدث الناس بنفس المنطق.. وكأنها سمة عصره دون ما قبله أو بعده.. التغيير هو حكم الزمن الذي يواجه كل نمطي أو جامد.. لا يستطيع ان يواجه هذا التغيير بديناميكية ومرونة تسمح له بألا ينكسر او يتحطم وتدوسه الاقدام.
ولا أقصد التلون ولكن أقصد الفهم والتدبر والتطور.. في نفس الوقت.. وكلما اشتدت مصاعب الزمن كان علي الانسان ان يقوي ولا يوهن ، حتي لا يهزمه الزمن.. أو بمعني آخر تهزمه آفة هذا الزمن الذي هو منه.. وتجد الأمثلة عديدة مثل إحنا في زمن الأخ بيقتل أخوه.. ياسلام.. قتل الأخ لاخوه منذ بدء الخليقة حينما قتل قابيل هابيل صراعا علي الزواج من نفس الأخت.. فالانسان الاول كان يقتل للفوز بالفريسة.. وأحيانا أخري لاثبات الفتوة والقوة.. وتتوالي الازمنة حتي تصل اثبات نفس المقاييس لدول في مواجهة دول أخري.. تجد الدول العظمي هي التي تتحكم في طعام وشراب وطاقة الدول الفقيرة.
أفق أيها الانسان مشاكلك ليست وليدة عصرك.. كل العصور لها نفس المشاكل.. لكن الانسان ينسي وحينما يواجه مشكلة يتصور انها جديدة.. التاريخ دائما يعيد نفسه لكن تتغير الاشخاص وتتغير طرق المواجهة.. وايضا شكل المعاناة.. لكن تستمر المعاناة.. ويستمر الأشخاص وتبقي دائما طرق معالجتهم هي التي تغير النتيجة.
اذا كانت المباراة في ملاعب متشابهة، بخطط مختلفة تبقي النتيجة مختلفة.. لكن نفس اللعبة لم تتغير أبدا.
علي الانسان ان يتعلم من دروس التاريخ ويعلم نفسه بنفسه فلن يعلمه أحد.. فالكل يخوض نفس المعارك.. ويبقي دورك أيها الانسان إما أن ترسب أو تنجح.
عليك ان تدرك ان سعادتك بيدك لانها تهمك وحدك.. واذا كانت تهم آخرين فسيكونون مقربين جدا منك ترتبط سعادتهم بسعادتك ايضا.. ولا تحزن اذا وجدت ما تعلمته من مثاليات.. يسبب لك المتاعب علي ارض الواقع.. فهذا ليس ذنب من علمها لك.. فهم قالوا لك المفروض كذا وكذا.. وافعل ولا تفعل.. وده صح وهذا خطأ.. ونسوا ان يقولوا لك ان من يفعلها مثالي غير موجود.. فالانسان يتصرف بأخلاقه وليس بأخلاق الطرف الآخر.
عليك حتي تستمر سعادتك الا تنتظر ان يغير احد من طبيعته من أجلك، مهما كنت قريبا منه.. فإذا كان من الخسة سيظل خسيسا.. واذا كان العكس فربنا يثبته.. ربنا يجعلنا من السعداء.. الذين يخلقون السعادة لأنفسهم.