المساء
السيد العزاوى
أهل الإيمان
خالد بن سعيد بن العاص من أهل مكة وقد هداه الله إلي الإسلام في بدء دعوة سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم إلي التوحيد وعبادة الله وحده وأن محمداً صلي الله عليه وسلم عبده ورسوله. وقد جاء إسلامه عقب رؤي في المنام. حيث رأي في النوم أنه وقف علي شفا حفرة من النار. وذكر من سعتها ما أعلمه الله بها. وكأن أباه يدفعه للوقوع فيها بينما رأي رسول الله صلي الله عليه وسلم يأخذه من ازاره حتي لا يقع فيها فاستيقظ فزعاً من نومه وأخذ يردد أحلف أنها لرؤيا حق وأثناء خروجه إلي الشارع لقي أبا بكر الصديق رضي الله عنه وذكر له الرؤيا. فقال له أبوبكر: أريد بك خيرا. هذا رسول الله صلي الله عليه وسلم فاتبعه وأنك ستتبعه في الإسلام الذي يحجزك من أن تقع في النار. وأبوك واقع فيها.
علي الفور توجه خالد إلي الرسول صلي الله عليه وسلم حيث لقيه في منطقة أجياد بأم القري. فقال: يا محمد إلي من تدعو؟ قال ادعو إلي الله وحده لا شريك له. وأن محمداً عبده ورسوله وتخلع ما أنت عليه من عبادة حجر لا يضر ولا ينفع ولا يسمع ولا يبصر ولا يدري من يعبده ممن لم يعبده. فقال خالد: أشهد أن لا إله إلا الله. وأشهد أنك رسول الله. وقد فرح الرسول صلي الله عليه وسلم بإسلام خالد. ويقال إنه كان قد اسلم بعد أبي بكر فكان ثالثاً أو رابعاً لمن اسلموا.
وقد انتشر خبر إسلام خالد فغضب والده غضباً شديداً. وطلب من أخوته أن يحضروا إليه خالد. ولم يكونوا قد اسلموا. فأتوا به وقد أخذ ابوه يسبه ويؤنبه ثم أخذ يضربه بعصا في يده وظل يضربه حتي كسر العصا علي رأسه. ثم قال: اتبعت محمداً وأنت خلافه مع قومه وما جاء به من عيوب لالهتهم وعاب من مضي من آبائهم. لم يأبه خالد بهذا الإيذاء وقال تبعته علي ما جاء. فغضب أبوه ونال منه أكثر ثم اردف قائلاً: اذهب يا لكع حيث شئت والله لامنعنك القوت. فقال خالد: إن منعتني فإن الله يرزقني ما أعيش به. ثم أخرجه أبوه وأصدر تعليمات لاخوته بألا يكلمه أحد منكم وإلا صنعت به ما صنعت بخالد.
انصرف خالد إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم. وظل ملازماً له. واستمر في الحياة معه.
ظل خالد متغيباً عن والده في شعاب حتي أذن الرسول صلي الله عليه وسلم لمن أسلم بالهجرة إلي الحبشة فكان في موكب الهجرة الثانية. وفي هذه الاثناء توفي والده أبوأحيحة سعيد. وقد رافق خالد في هجرته زوجته أميمة بنت خالد الخزاعية. كما هاجر معه أخوه عمر بن سعيد بعد إسلامه وبعد انتهاء الهجرة للحبشة قدم خالد وعمر علي الرسول صلي الله عليه وسلم ومعهما جعفر بن أبي طالب وكان قدومهم في سفينتين وقد كان الرسول صلي الله عليه وسلم في خيبر فاسهم لهم وقد شهد خالد مع النبي صلي الله عليه وسلم عمرة القضاء وفتح مكة ويوم حنين وتبوك وقد بعثه رسول الله صلي الله عليه وسلم عاملاً علي الصدقات باليمن. وقد توفي رسول الله صلي الله عليه وسلم بينما لايزال خالد في هذه المهمة.
هذا واحد من أبناء مكة أنار الله بصيرته فكان إن استقر نور الإيمان في قلبه وصار جندياً في جيش المسلمين يدافع عن الحق ونصرة الإسلام. كما هدي الله اخويه عمرو وابان. وفي خلافة أبي بكر رضي الله عنه تم اختيار خالد بن العاص قائداً لجيش من جيوش المسلمين إلي الشام وظل في موقعه حتي جاءت موقعة مرج الصغر سنة أربع عشرة في صدر خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد قتل خالد في هذه الموقعة ومضي إلي ربه شهيداً بعد رحلة من المعاناة والجهاد في سبيل الله. تلك هي مهمة أهل الإيمان. كفاح وعمل حتي آخر العمر.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف