جلال دويدار
جرائــم القتــل والتصفيــة الأســرية ظاهرة خطيرة في المجتمع المصري؟
خواطر
هالني علي مدي الشهور الماضية تتابع مسلسل أحداث ممارسة العنف القاتل في أوساط بعض الأسر المصرية. المثير في مشاهد هذه الجرائم البشعة أن مرتكبيها إما الأب أو الأم أو القريب أو الجار.. حيث شملت قائمة الضحايا الابناء والاباء والامهات وفي أحيان كل أعضاء الأسرة. هذا الذي يحدث لم يكن أبدا من سمات الأسرة المصرية. إنه ولا جدال تطور مأساوي يدعو إلي البحث والدراسة والتحليل لمعرفة الاسباب وراء ذلك وسبل المعالجة.
بداية يمكن القول إن ما شهدته الأوضاع الإجتماعية من متغيرات شملت متطلبات الحياة والسلوكيات. يضاف إلي ذلك غياب الالتزام بالقيم الدينية والقيم الأخلاقية إلي جانب غياب القناعة وتصاعد وتيرة التطلعات. كل هذا يعود في بعض هذه الحوادث إلي صعوبة الحياة المعيشية. انه يحدث أيضا نتيجة ضغوط نفسية يترتب عليها فقدان البعض لنعمة التوازن العقلي.
من المؤكد أن علاج هذه الحالة المفجعة التي يعيشها المجتمع المصري هذه الايام تضع مسئوليات وواجبات علي الاجهزة التي يمكن أن يكون لها دور أساسي في تشكيل وجدان هذا الانسان المصري.
يأتي في مقدمة هذه الأجهزة ممثلو المؤسسة الدينية من أئمة ووعاظ يعتلون المنابر في المساجد المصرية وفي المناسبات الدينية المختلفة. إن علي هؤلاء أن يركزوا علي بث القيم الدينية الصحيحة بين أفراد المجتمع الذين يتعاملون معهم وهم بعشرات الملايين. إنهم مطالبون بإعلاء القبول بما قسم الله للإنسان الذي عليه أن يعمل ويسعي بهمة وإخلاص لكفاية نفسه وتوفير متطلبات أفراد أسرته الذي عليه أن يبر بهم عملا بما يقضي به الدين. من ناحية أخري فإن عدم قيام الاسرة بواجباتها في متابعة أولادهم وبث القيم الاخلاقية السوية فيهم هو الامر الذي يتطلب التواصل معهم والاقتراب من مشاكلهم وأخلاقهم.
معالجة هذه القضية يحتاج أيضا إلي تفعيل دور الاعلام سواء كان مرئيا أومسموعا أو مقروءا. ان عليه المساهمة في تبني كل التوجهات التي تعمل علي اصلاح المجتمع. هذه المسئولية تفرض عليه بداية التوقف عن بث البرامج والافلام والمسلسلات التي تقدم نماذج سيئة للسلوكيات والانحرافات التي تدعو إلي التقليد واتخاذها نموذجا يحتذي به. كما أن علي هذا الاعلام أن يتيح الفرصة لكل الاراء التي تثري الاصلاح السلوكي والمجتمعي. في نفس الوقت فإن علي هذا الاعلام عدم التورط في نشر كل ما يمكن أن يثير نزعة الاحقاد الاجتماعية. إن تأثير هذه الممارسات السلبية يمتد بعد متابعتها سواء كان ذلك بالصورة أو بالصوت أو بالكلمة المقروءة إلي نفوس كل فئات المجتمع خاصة الذين يعانون في حياتهم المعيشية.
علي كل حال فإن تحليل هذه الظاهرة المؤسفة والأليمة في المجتمع المصري مرهون بما يمكن التوصل إليه من أبحاث ودراسات إجتماعية علمية من جانب المؤسسات المتخصصة. إنه ولصالح هذا المجتمع و لتأمين مستقبله فإن علي الجميع أن يساهموا ويتعاونوا في التوصل إلي حل ينقذ المجتمع من صدمات هذه الجرائم التي لم يشهدها من قبل بهذه الصورة المزعجة.