الأهرام
د. عمرو عبد السميع
حالة حوار أعظم مشاريع السيسى
وسط زخم ما تحققه إدارة الرئيس السيسى على الأرض وهو كبير جدا، بالقياس إلى أى مرحلة من تاريخنا المعاصر، أبحث عن المشروع الأهم فيها، وعلى الرغم من أنها جميعا مهمة، فإن أهمها على الإطلاق، هو مشروع إقامة المحطة النووية فى الضبعة، ليس لذلك العبور العلمى الذى يحققه، ولكن لأن بنود الاتفاق عليه تضمنت مسألة تكوين طبقة من المثقفين ثقافة تقنية متقدمة، وخلق أجيال من المتدربين على تلك التقنية من خلال مدارس ملحقة بالمشروع، وفوق هذا فإن مشروع الضبعة يمثل علامة إشارية لانتصار إرادة الرئيس السيسى على إرادة رجال الأعمال الذين عطلوا مشروع الضبعة لإقامة المحطة النووية سنوات طويلة من قبل أن يتولى الرئيس السيسى الحكم، وعمدوا إلى تخويف الرأى العام وخلق تيارات من التردد فى نفوس أبناء البلد مسكونة بذكريات انفجار المفاعل الذرى فى «تشيرنوبيل» منذ عقود، على الرغم من أن المحطات تطورت للغاية عن زمن «تشيرنوبيل» وأصبحت معاملات الأمان فيها كاملة، وقد انكشفت رغبة بعض رجال الأعمال لإلغاء أو تجميد مشروع الضبعة لأننا لم نستورد فيه تكنولوجيا غربية، وهو السبب الذى صرحت به الإدارة الأمريكية مرارا، لا بل وطرحوا بدلا منه مشاريع بديلة عن إقامة بحيرات صناعية فى نفس المكان مليئة بالأوز والبط والطيور، ومدن ملاهى زاخرة بالأراجيح والزحاليق، وتحويل المكان إلى بقعة سياحية متلألئة بالمرح سابحة فى الأضواء. لقد وضع هؤلاء مصر أمام اختيار جدى ما بين ثقافة التقدم العلمى التى تمثلها المحطة النووية، وثقافة المراجيح التى يحاولون إقرارها كبديل، إنهم كانوا يريدون ضم هذه المنطقة إلى فضاء التمرغ فى المتعة الذى خلقوه فى الساحل كله لمصلحة طبقة من «الملاديع» تثير مشاعر تؤدى إلى الاحتكاك الطبقى، ويعيشون فى جو افتراضى اصطناعى يبتكرون فيه تقليعة جديدة يضعون فيها بعض الخطوط تحت تشبههم بالغرب دون فهم أن الغرب دفع ثمن أن تحيا بعض قطاعاته على هذا النحو، أما فى مصر، فنحن لم ندفع شيئا لنعيش هذه الحياة المتخمة بالمتعة، نحن لم نجاهد لكى نحقق تقدما يسمح بالاستغراق فى لهو مجنون كذلك الذى تترى مشاهده أمام أعيننا، ويستفز مشاعرنا، ويهين كبرياءنا.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف