مرسى عطا الله
تنظيم الإعلام وليس تقييده!
لا أظن أن مصر يمكن أن تحتمل مرة أخرى دفع الثمن الباهظ الذى دفعته بعد أحداث 25 يناير 2011 نتيجة العجز عن وضع خط فاصل بين الحرية والفوضى مما أدى إلى اتساع مساحة الضباب فى المشهد العام وبالتالى تعميق العجز عن رؤية الطريق السليم وصعوبة تحديد الفواصل والمسافات بين ما هو حق وما هو باطل.
إن مصر ليس بمقدورها فى هذه المرحلة الدقيقة أن تسمح مرة أخرى باتساع مساحة الفوضى الإعلامية لأن ذلك يعنى إقرارا بحق بعض الشرائح المارقة فى التغريد بعيدا عن السرب الوطنى ومواصلة التشكيك فى كل إنجاز لأنهم لا يرون إلا ما يروق لهم ولا يعترفون إلا بما تكتبه أقلامهم!
لقد سئمنا وسئم الشعب كله من مناخ التسيب الذى جاء فى البداية جذابا ومرضيا للكثيرين تحت رايات الفوضى حيث كانوا يتغنون بما يكتب ويقال باعتباره جرأة محمودة ويتجاهلون أن كل ذلك كان مخططا ومدبرا من أجل تعميق الغيبوبة العقلية والسياسية.
والحقيقة أن الذين يتوهمون أن حرية الصحافة هى مجرد حرية التعبير التى توفر حق الصراخ فقط يقعون فى خطأ فادح لأنهم لا يأخذون من هذه الحرية سوى شكلها الخارجى فقط!
والدول التى انطلقت بمنظور الفهم الصحيح لحرية الصحافة هى التى أدركت ووعت أن المهمة الأساسية للصحافة هى أن تشكل مدخلا صحيحا لصنع حوار موضوعى وبناء بين كل قوى المجتمع من أجل العمل على تقريب المسافات وليس تضخيم التناقضات وذلك على عكس الدول التى أغفلت وضع الضوابط الضرورية لمنع التحول بحرية الصحافة إلى فوضى يستباح فيها كل شيء فجاءت النتائج صادمة إلى الحد أن شعوبا كثيرة أعلنت اقترابها من درجة الضجر من الديمقراطية وعادت إلى التباكى على أيام الديكتاتورية... وهذا ما نربأ بأنفسنا أن نرتد إليه وعلى أهل المهنة أن يضعوا الضوابط التى تضبط وتنظم الأداء المهنى بدلا من أن تتوافر أسباب التقييد والوصاية من خارج المهنة!
خير الكلام:
<< كل عادة سيئة إذا لم تقاوم سرعان ما تنقلب إلى حاجة!