محمد بركات
بدون تردد - راكز البحوث العسكرية وملحمة نصر أكتوبر
في ملحمة نصر أكتوبر كانت كل الدراسات والبحوث العسكرية الميدانية تؤكد، أن اجتياز القناة واجتياح خط بارليف المنيع هو أمر مستحيل عمليا، في ظل التجهيزات الهندسية الصلبة والدفاعات القوية، التي اقامتها إسرائيل لبناء هذا الخط، والتي جعلت من التفكير في العبور إلي الضفة الشرقية للقناة، ومحاولة الوصول إلي سيناء معجزة محفوفة بالمخاطر، تدخل في نطاق المستحيل.
وكانت كل النظريات العسكرية تؤكد، ان خط بارليف المنيع يحتاج إلي قنبلة ذرية لتدميره وإزالته، وهو مالا تملكه مصر،..، ولذلك فإن عليها ان تستسلم للأمر الواقع في ظلام الهزيمة، وأن تحاول اقناع العالم، أو استجداء القوي الكبري وأمريكا بالذات، للضغط علي إسرائيل كي تقبل الانسحاب من الأراضي المصرية والعربية المحتلة عام ١٩٦٧،..، وهو ما لن تقبل به إسرائيل.
وفي هذا الاطار كانت المفارقة كبيرة والهوة واسعة بين رؤية العالم للصورة في المنطقة وتوقعاته لمستقبل مصر المظلم، وبين حقيقة الأوضاع في مصر، وأصرار شعبها وقادتها وجيشها علي ركوب الصعب وعدم الاستسلام، بل فعل المستحيل لتغيير الواقع وأخذ زمام المبادرة بأيديهم.
من هنا كان ذهول العالم كله شديداً، عندما نهض المصريون ونفضوا غبار الهزيمة وانطلقوا لتحقيق النصر وتحرير الأرض واسترداد الكرامة،..، وهو ما فرض علي مراكز البحوث والدراسات العسكرية في العالم كله وضع حرب أكتوبر محل التحليل والدراسة.
من أجل ذلك كله سيظل نصر أكتوبر العظيم نجما مضيئا في سماء مصر، وضمير ووجدان وقلوب أبنائها علي مر السنين،..، وهو ما يفرض علينا ان ننتبه إلي حق الأبناء والشباب من الأجيال التي لم تعاصر ملحمة أكتوبر، أن نرسخ في نفوسهم وعقولهم حقيقة ما جري، وما تم من تضحيات فاقت كل تصور، حفاظا علي استقلال مصر وحرية أراضيها.
وأن نشرح لهم كيف عملت مصر كلها شعبا وجيشا وقيادة، من أجل إزالة آثار العدوان وقهر الهزيمة، والعبور إلي النصر وتحرير الأرض واستعادة سيناء الغالية، رغم كل الظروف الصعبة علي كافة المستويات الاقليمية والدولية.