الأخبار
جلال دويدار
خواطر - قلبي مع وزير التعليم
خواطر
قلبي مع وزير التعليم الدكتور طارق شوقي في معركته لتطوير التعليم. إنه يخوض حربا ضروسا ضد »مافيا»‬ الدروس الخصوصية ومؤلفي الكتب المدرسية الخارجية ومن وراءهم. هذه الفئة تحولت إلي أصحاب ثروات هائلة من خلال ما يحققوه من وراء هذا النشاط. إنها قضية بدأت أحداثها منذ ما يقرب من ٥ عقود.
إن أحدا لم يتمكن من مواجهة هذه »‬المافيا» والتصدي لها. هذا الفشل من جانب الدولة جاء نتيجة الفساد والقصور اللذين عاب المنظومة التعليمية منذ ذلك الوقت. هؤلاء القائمون علي شئون الدولة علي مدي هذه الفترة افتقدوا الشجاعة والقدرة علي التفكير اعتقادا منهم بعدم توافر إمكانات التطوير المطلوب. كان هدفهم أن تبقي الأمور علي ما هي عليه. يضاف إلي ذلك ان بعضهم كانوا عبيدا لشعار مجانية التعليم. كانت حجة بعضهم أن هذا التحرك يحتاج إلي موارد مالية. سيطر عليهم الخوف من أن السعي لإيجاد أي موارد مالية بتحميل المواطنين أي أعباء يمكن أن تقود إلي هز الاستقرار.
إنهم لم يضعوا في إعتبارهم أن ما يدفعه أولياء الامور لهذه الدروس الخصوصية والكتب الخارجية والمدارس الخاصة يصل إلي عدة مليارات يقتطعها أولياء الأمور من دخولهم وقوتهم لتعليم أولادهم. لم يكلف أحد نفسه شرح هذه الحقيقة وكشف أبعادها وتداعياتها. واقناع الرأي العام بها. إقتحام هذه المشكلة كان سيتوافر لو امتلكت الدولة الشجاعة وأقدمت علي سبيل المثال بفرض عشرة جنيهات أو حتي خمسة جنيهات علي كل تلميذ. في ذلك الوقت كانت ستكون الموارد كافية في هذه الحالة لتمويل أي خطة للتمويل.. حدث ذلك رغم ان عدد التلاميذ في ذلك الوقت كانوا يمثلون ما بين ٢٠٪ و١٠٪ من اعدادهم اليوم.
كان علي أنظمة الحكم في تسعينيات القرن الماضي الاستفادة من التجربة التعليمية اليابانية المنهزمة والمدمرة في الحرب العالمية الثانية. نفس الشيء ينطبق علي ألمانيا أيضا. هذه التجربة الناجحة استطاعت ان تعبر الهزيمة وتستعيد عافيتها وانطلاقتها الصناعية والاقتصادية. لم يقتصر هذا المثال لتطوير التعليم علي هذه الدولة الأوروبية التي كانت لها قاعدة قوية لتحقيق ذلك وإنما امتد أيضا بالارادة والحماس إلي الدول الآسيوية التي كنا نسبقها حضاريا وتقدما. من هذه الدول ماليزيا وكوريا الجنوبية اللتين أصبحتا في عداد الدول المتقدمة صناعيا واقتصاديا واجتماعيا عالميا.
علينا أن تكون لدينا الشجاعة للاعتراف بالقصور الفكري لدولتنا منذ الستينات. كان من نتيجة ذلك تلك التراكمات التي استمرت واستفحلت. كان الهدف وراء المجانية الشاملة للتعليم توجيها سياسيا واجتماعيا شعورا بحجم المعاناة والتفرقة الاجتماعية. هذا الامر استهدف تعويض الشعب عن هذه الاوضاع الاجتماعية المتسمة بالخلل الجسيم. كان يجب أن يصاحب ذلك تطوير وتحديث لمنظومة التعليم وهو الذي لم يحدث رغم ان الظروف الاقتصادية كانت تسمح بهذا التطوير ولكن انشغالهم بالشأن السياسي ومواجهة العداء من الدول الكبري وللبقاء في السلطة. كان عاملا ضاغطا لمنع أي اهتمام بالقضايا الداخلية وتأثيرها علي المستقبل. هذا الامر كان له انعكاساته السلبية علي اداء ومهام الدولة التي كان عليها ايجاد فرص عمل لمئات آلاف من الخريجيين.
زاد من الطين بلة لجوء الدولة لعمليات التأميم القائم علي عدم الخبرة والدراسة وهو ما أدي إلي انسحاب أصحاب رؤوس الاموال من سوق الاستثمار والصناعة. بالتالي تركز الاعتماد كلية علي الوظائف الحكومية. أصبحت الدولة منذ ذلك الوقت هي بابا وماما. كل هذا يفسر بداية انهيار التعليم في مصر الذي لم يكن بهذه الصورة قبيل حقبة الخمسينيات.
وفقا لهذا السرد التاريخي يمكن توصيف حقيقي لبرنامج تطوير التعليم الذي يقف وراءه الرئيس السيسي. إنه أحد أركان الاصلاح الاقتصادي لبناء مصر الجديدة.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف