الجمهورية
السيد البابلى
أكتوبر.. نهاية نكسة.. وبداية حلم
وسقط مبارك.. وأصبح رئيساً سابقاً.. وأعلن في 11 فبراير 2011 أنه يتنحي عن الحكم ويسلم سلطاته للمجلس العسكري..!
واشتعل الشارع المصري فرحة وقلقاً في الوقت نفسه.. فقد كانت هناك فرحة عارمة بالتخلص من نظام ترهل وكثرت أخطاؤه.. وكانت هناك فرحة بأن الشعب هو من فرض إرادة التغيير. وكان هناك في الوقت نفسه قلق من المجهول لأنها ثورة بلا قيادة. وثورة بلا منهجية للتنفيذ.
واختلف الناس في أمر الثورة.. فالشعب كان يريد إسقاط النظام. ولكن ما حدث كان إسقاطاً للدولة ومقدمة لفوضي عارمة وحالة غير مسبوقة من عدم الاستقرار.
وعندما شعر الناس أن هناك فراغاً في الشارع. وهناك غياباً للرؤية. وهناك انعداماً للأمن والأمان فقد كانت هذه الحالة هي أول سهم يطلق للإجهاز علي الثورة والذين قاموا بها..
وبدأ حديث آخر عن الثورة مع حالة القلق التي مرت بها مصر. فالذين سارعوا إلي تملق الثوار والمزايدة عليهم واستضافتهم في كل وسائل الإعلام كانوا أول من انقض علي الثورة وراحوا يتحدثون عن مؤامرة للإيقاع بمصر وتمزيق أوصال الدولة المصرية.
والثوار الذين أبهرتهم أضواء الإعلام وأعجبتهم الشهرة راحوا يتسابقون في التصريحات والآراء التي كانت أيضاً سبباً في فقدانهم التعاطف والتأييد الشعبي لأن أحاديثهم اتسمت بالغرور والتعالي والاتهامات والتجريح.
***
ولأنها كانت ثورة بلا قيادة وبلا أولويات.. فإن الثوار كانوا يتحدثون كثيراً بينما كان الإخوان يوزعون المساعدات علي الفقراء ويجهزون أنفسهم للانقضاض علي السلطة. ونجحوا في ذلك وأقنعوا الناس بأن يمنحوهم الفرصة. وقالوا إن الحل بأيديهم وأن حلم الرخاء سيتحقق وصدقهم الشعب.
ولكن الإخوان بدلاً من أن يقنعوا بأن يكونوا نواباً وأن يقودوا مسيرة الرقابة والتشريع أغرتهم قوتهم فتراجعوا عن وعودهم بعدم الترشح للرئاسة وقرروا أن يستولوا علي كل شيء مادامت الفرصة ساحنة والطريق سهلاً.
وكان دخولهم الانتخابات الرئاسية خطأ تاريخياً سيندمون عليه لعقود طويلة من الزمان. فقد كشفوا أنفسهم.. وانكشف ضعفهم وقلة حيلتهم في السياسة وفي الحكم وإدارة البلاد.
وعلي مدار عام كامل تولي فيه محمد مرسي رئاسة مصر فإن الإخوان أثبتوا انتهازية مفرطة في الاستيلاء علي كل المواقع. وبرهنوا أنهم لا يصلحون للعملية السياسية عندما أصروا علي حرمان باقي القوي السياسية من المشاركة في هيكل السلطة.
ووجد الإخوان أن الشارع لم يهدأ منذ تسلمهم السلطة. وأن كل الفئات والطوائف السياسية في الشارع وأنهم قد دخلوا في مواجهة مع الشعب كله الذي تمرد عليهم ولم يعد يثق في وعودهم أو في قراراتهم.
***
وانتفض الشعب بعزل رئيس الإخوان مرسي في 3 يوليو 2013 في ثورة تصحيح الأوضاع.. وفي رحلة البحث عن دولة حقيقية تترجم أهداف ثورة يناير التي كانت ضد الفقر والجوع والبطالة والفجوة الاجتماعية.
وتنفس الشارع الصعداء بعزل مرسي وتكليف عدلي منصور بصفته رئيساً للمحكمة الدستورية العليا بأن يكون رئيساً في 4 يوليو .2013
واستمر منصور رئيساً لمصر لمدة 11 شهراً و4 أيام إلي أن تم انتخاب الرئيس عبدالفتاح السيسي في 8 يونيو .2014
وقابل الناس انتخاب الرئيس عبدالفتاح السيسي بتفاؤل والتفاف شعبي هائل. فقد تجدد الحلم من جديد.. ومصر تنطلق.. والأمن يعود. والشعب يساند النظام ويتلاحم معه ويمنحه تفويضاً كاملاً بأن يقود السفينة إلي بر الأمان.. وأن يتصدي للإرهاب ولمحاولات تقسيم مصر.
والمهمة بالغة الصعوبة. فالأحلام أكبر من حجم الإمكانيات المتاحة. والموارد ضعيفة. والاقتصاد يترنح. والدولار يجتاح المدينة ويهدد بغلاء فاحش.. والسياحة لا وجود لها. وعائدات مصر من النقد الأجنبي تتناقص.. والناس لن تصبر طويلاً.. الناس تنتظر المعجزات من الرئيس الذي أعاد إليها الأمل ومنحها قبلة الحياة.
***
وكان أمام الرئيس السيسي خيار وحيد. فإما أن يواصل سياسة التخدير ودغدغة المشاعر وترحيل المشكلات المزمنة. وإما أن يختار الطريق الصعب وهو التصدي لهذه المشكلات وإيجاد حلول جذرية لها حتي وإن كان ذلك علي حساب شعبيته وجماهيريته..!
واختار الرئيس السيسي أن يعمل من أجل مستقبل مصر. وأن يكون واقعياً في سياساته وفي قراراته وفي خطواته الإصلاحية.
وراهن الرئيس علي شعبه. وكان واثقاً بأن الرأي العام سوف يتفهم ويتقبل.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف