الجمهورية
د. جميل جورجى
صدير المشاكل لأعلي
من المواقف والموضوعات الملفتة للنظر هو ذلك النداء الذي توجهت به كاتبة صحفية عبر مقال لها تناشد فيه رأس الدولة بالتدخل لإنقاذ الحيوانات. ووقف تلك السلوكيات التي تمارس في حقها.. ومن المؤكد أن الدوافع التي تستند إليها في ذلك الطرح غاية الأهمية. ولها دلالة وتأثير أبعد من الواقعة في حد ذاتها علي اعتبار أن ذلك العنف والغلظة مع الحيوان هي تكريس للعنف والإرهاب ومشروع "إرهابي".. وقد ناشدت الرئيس للتدخل في ذلك الأمر معللة ذلك بأن تدخله سوف يحسم هذه القضية ذات الدلالات الخطيرة. إذ أنها تذكي وتكرس للسلوك العنيف في وقت تبذل فيه الجهود لمحاربة ذلك الإرهاب الذي يهدد مجتمعنا.. ولكن الملفت للنظر هو ذلك التناقض الذي يعيشه المجتمع. ففي الوقت الذي يطالبون فيه باللامركزية وأهميتها كضرورة لعدم تركيز السلطة وتوزيع الأدوار. نجد أن كافة الممارسات تؤكد أننا نسير عكس ما نعلن.. إذ أن كافة الممارسات والتصرفات التي تتم تؤكد أننا لدينا توجه عميق نحو المركزية ونحو التواكل وعدم القدرة علي تحمل المسئولية.. إذ أن من المفروض أن يقوم كل وزير تم تعيينه بما يتوجب عليه من حيث أداء مهام الوظيفة المنوطة به. وإلا ما هي فائدة ذلك الكم من الموظفين داخل الجهاز الحكومي المترهل. الذي يصل عدده إلي ما يزيد علي 6 ملايين موظف؟!.. إن المتابع لسلوك الموظف المسئول في الجهاز الحكومي للدولة هو ميله الدائم للتنصل من المسئولية ومحاولة تصدير المشاكل للمستوي الأعلي تخلصاً من المسئولية كل حسب موقعه في دولاب العمل بالوزارة.. ويرجع ذلك للعديد من الأسباب التي لا نقر بها. ولكن لها أسبابها وهي الخوف من تحميل المسئولية وما قد يترتب علي ذلك من "المساءلة القانونية" أو حتي من قبل المستوي الأعلي في الوظيفة.. لذلك عندما تكون هناك شكوي أو ملف بعينه. يتم تحويله للمسئول المختص به.. فهو عادة ما يعيده مرة أخري لرئيسه محملاً بالعديد من المشاكل والمعوقات.. ذلك الأمر يؤدي إلي تدني مستوي الأداء إذ أن المستوي الأعلي يجد نفسه محملاً بكم من المسئوليات لا يستطيع الوفاء بها أو حلها في الوقت المناسب وعلي نحو سريع نتيجة تحميله بالقضايا التي يرفعها إلي مرءوسيه إلي جانب تلك التي يكلف بها من المستوي الأعلي له مباشرة.. وعليك أن تتخيل ذلك الكم من الهموم التي يحملها الرئيس علي كاهله. في ظل هذه الأوضاع المعقدة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً. وذلك العبء الذي يفوق قدراتنا البشرية.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف