الوطن
سحر الجعارة
فرق «البلاك بلوك» للمنتقبات
«الجزائر»، وهى دولة إسلامية عربية لو تعلمون، قررت منع ارتداء النقاب من قبل العاملات فى الإدارات الحكومية لأول مرة.. وأشارت -فى قرارها- إلى أن: «العاملين فى الإدارات الحكومية ملزمون باحترام قواعد ومقتضيات الأمن والاتصال (التواصل) على مستوى مصالحهم (مؤسساتهم) والتى تستوجب تحديد هويتهم بصفة آلية ودائمة».

«أيوة طيب وإحنا مالنا»؟!.. هذا الخبر لا يعنينا فى شىء، اللهم إلا فى استغلاله من قبل بعض نجوم التيار السلفى فى «التلميع الإعلامى»، وتكفير «كتيبة التنوير»!.

والنائب الموقر «محمد أبوحامد»، وكيل لجنة التضامن والأسرة بمجلس النواب، تقدم باقتراح برغبة إلى الدكتور «على عبدالعال»، رئيس البرلمان، بمطالبة الحكومة باتخاذ قرار يحظر ارتداء النقاب فى الأماكن العامة، ومؤسسات الدولة المصرية الحكومية، سواء الصحية أو التعليمية أو الخدمية.

وأكد «أبوحامد»، فى اقتراحه، أهمية استصدار قرار حظر ارتداء النقاب فى الأماكن العامة، لاسيما مع استعمال هذا اللباس فى أعمال إرهابية وإجرامية تهدد أمن وسلامة المجتمع، وتهدد حياة المواطنين بالنظر إلى إمكانية صاحب اللباس فى إخفاء شخصيته، لافتاً إلى أن الأزهر الشريف ودار الإفتاء حسما الأمر بأن النقاب ليس من فرائض الدين وأنه من العادات العرفية.. «برضو وإحنا مالنا؟!».

نحن دولة تسير عكس «الدستور» الذى يحكمها، وعكس المنطق والعقل، وكل ما تنادى به من تجديد «الخطاب الدينى»، والاستثناء الوحيد من ذلك كان الدكتور «جابر جاد نصار»، رئيس جامعة القاهرة السابق، الذى اتخذ قرار منع المنتقبات من التدريس بالجامعة «بمفرده»، دون أى غطاء رسمى أو دعم اللهم إلا بعض الأقلام التى ساندته فى مواجهة الحملة الإعلامية والقضائية الشرسة، والتى انتصر خلالها «القضاء» لحماية الأمن القومى المصرى!.

لكننا نفس الدولة التى يمنح إعلامها للداعية السلفى «سامح عبدالحميد» الحق فى أن ينصب من نفسه «حامى حمى النقاب»، ليستعرض «فرق الإرهاب» المغطاة بالنقاب على الشاشات، وينظم المظاهرات داخل الجامعة الأمريكية بعد أن اتخذت قراراً مماثلاً للتراجع عن قرارها، ويحرك «ميليشيات الحسبة» السياسية والدينية لتفتك بمن يعارض النقاب!.

نحن دولة يفتئت «أزهرها» على كل سلطاتها، بما فيها السلطة التشريعية، وبعدما أصدر لنا الأزهر قرار مجمع البحوث الإسلامية عام 2009، بحظر ارتداء النقاب داخل قاعات الدراسة بجامعة الأزهر.. أطلق علينا الدكتور «عبدالمنعم فؤاد»، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر (الذى أقاضيه حالياً بتهمة السب والقذف)، ليختصر المطالبة بمنع النقاب فى الأماكن العامة فى أنها «قضية الوهمية»، وقرر أن يغازل الحكومة ومجلس الشعب أو يعايرهما بطريقة: (البرلمان قوى، وأنا أثق فى نوابه المحترمين من عدم الانجراف وراء هذه المطالب، لأنهم «عقلاء»، ولديهم قضايا وقوانين الإصلاح الاقتصادى والتعليم والصحة)!.

يعنى حضراتكم (بلهجة هيئة كبار العلماء) ابحثوا عن هموم 100 مليون مواطن يحتاجون للمأكل والمسكن والعلاج، أما «الإسلام» فاتركوه لنا، نفسره كيفما نشاء ونصمم ملبسه طبقاً لهيبة الدولة الدينية التى نحكمها، وإلا أصبحتم «غير عاقلين» من وجهة نظره!.

رغم أن «فؤاد» نفسه يقول إن النقاب (نعمة وفضل وليس فرضاً على أحد ارتداء النقاب)!.

لا يا سادة.. مصر دولة مؤسسات، يحكمها الدستور والقانون، وسيادة الدولة تتجسد فى قدرتها على اتخاذ القرارات التنظيمية التى تحمى أمن مواطنيها الأبرياء، من فرق «البلاك بلوك للمنتقبات».. والسماح بانتشار «زى إرهابى» تم استغلاله فى عمليات إرهابية ونقل أسلحة التنظيمات الإرهابية، وتهريب مرشد الإخوان «محمد بديع» من اعتصام «رابعة» المسلح كذلك بالنقاب.. السماح به هو تغيير لهوية «الدولة المدنية»، وترسيخ لمبدأ «الفوضى»، وقانون «الغوغائيين»، والمتاجرين بشرع الله!.

لقد تم استغلال النقاب فى خطف الأطفال، والسرقة، بل واتخذه البعض ستاراً للدعارة والزنا والغش فى الامتحانات، (راجعوا صفحات الحوادث)، فلا معنى لأن يتراجع «ياسر برهامى» مفتى اتجار البشر «مؤقتاً»، ويسلم الدفة لكل من «عبدالحميد وفؤاد» إلا أن يكون هناك توزيع أدوار ما بين الأحزاب الدينية «غير الدستورية»، وبين بعض علماء الأزهر والتيار السلفى!.

أما الحديث السخيف عن كون النقاب «حرية شخصية»، والتمسح بالمادة 64 من الدستور التى تنص على أن (حرية الاعتقاد مطلقة وحرية ممارسة الشعائر الدينية).. فهذه المادة لا تعنى المطالبة بعدم التمييز ضد الملحدين والبهائيين والشواذ جنسياً؟!.

إن تمسكت الدولة «رسمياً» بالعزوف عن خوض هذه المعركة فهى تفقد أحد أهم أسلحتها أمام الجماعات الإرهابية، وإن تهاونت فى فرض سيادتها وهيبتها فهى تفرط فى أمنها القومى وأمن مواطنيها.. وكأنها تسلم مفاتيح العاصمة لتيار إرهابى يقتل باسمه السلفى أى صوفى أو مسيحى، ويغتال علماء أزهره جوهر الإسلام ومظاهر «الدولة المدنية»!.

لقد اقترح «عبدالحميد»، فى حال منع النقاب، على المنتقبات ارتداء «ماسك طبى» ليتأكد لنا أنه استعراض لمظاهر «الدولة الدينية».. وأنا أتساءل: ألا يمكنهن أيضاً ارتداء قناع جماعات «البلاك بلوك»؟!.

أحلم بيوم، أوقن أنه سيأتى، سوف تختفى فيه بعض الوجوه الكريهة من مصرنا هاربة بنقاب النساء.. وربما لهذا تدافع عنه!!.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف