المصريون
محمود سلطان
المدارس .. عليها حارس !
إذا ساقتك الأقدار ومررت أمام أية مدرسة، أثناء خروج التلاميذ، ستجد ما يخطف قلبك هلعًا ورعبًا من مشاهد تخلو حتى من الحدود الدنيا من الإنسانية.
تختلط المشاهد، لترسم لوحة من الفوضى والعشوائية، والزحام المميت، وكلها منفردة أو مجتمعة، قد تؤدي إلى كوارث وليس إلى كارثة واحدة!
تلاميذ صغار، في الابتدائي أو في أعمار أقل "كي جي"، يحملون مثل "البقر" على سيارات ربع نقل، مخصصة لنقل البهائم أو الخضار أو الفواكه أو البضائع، أو مواد بناء أو سباخ أو أية مواد صلبة.. تتحول صباح ومساء كل يوم ليحشر فيها أطفال المدارس حشرًا، حتى لا يجد بعضهم إلا "الشعبطة" ـ نصفه في العربة ونصفه الآخر معلق في الهواء.. أو الجلوس على حافة متهالكة قد تهوي بهم إلى الأرض في أية هزة عند مطب عشوائي وما أكثرها.
حتى السيارات المارة عند المدارس لا تحترم آدمية التلاميذ ولا ترحم ضعفهم وقلة تركيزهم الفطري عند التقاطعات أو عند عبور الطرق الرثة والمتهالكة والمكتظة بالسيارات المسرعة التي لا أدب ولا أخلاق لمن يقودها.. ولا يعبأ بمن يمر بالطرق من الأطفال، ولا يخطر على باله، ما يلحق بأهاليهم من حزن وألم وحسرة حال أصابهم ـ لا قدر الله ـ مكروه من هذه الفوضى وقلة الدين والأخلاق والضمير عند البعض وما أكثرهم.
في بعض الدول العربية، لاحظت لوحات معلقة على الطرق مكتوب عليها: "قيادة السيارات فن وذوق وأخلاق".. ولاحظت تقليدًا بات عرفًا مستقرًا أو مثل القانون الاجتماعي الملزم للجميع: السائق يقف إجباريًا إلى أن يعبر أطفال أو نساء أو أي عابر للطريق.. مع تبادل التحية والسلام بين الطرفين.
في مصر.. وفي أي مكان .. قرية، نجع، مدينة، عاصمة مثل القاهرة، تجد ما يخلع القلوب خوفًا على أطفالنا أثناء خروجهم من المدارس أو حملهم منها إلى بيوتهم.. مشاهد شديدة التخلف والإهانة والاستهانة بحياة البشر.. حتى أني أتخيل أن كل أم أو أب يقبل أطفاله كل صباح وهو يضع يده على قلبه ولا يدري ما إذا كان هذا هو الوداع الأخير.. ويبدو ـ من هول ما نرى ـ أن الأمور تمضي بلطف الله وحفظه.. ولولا ذلك لوقع ما لا نتمناه أن يقع يومًا.. وكأن على المدارس حارس فعلا.
هذه المأساة.. تقتضي أن تفرض الدولة سلطتها على كل المناطق القريبة والمحيطة بالمدارس.. ما الذي يمنع من وجود ضباط وجنود شرطة.. صباحًا أمام المدارس وبعد الظهر أثناء خروج الأطفال لتأمين حياتهم من هذه الفوضى غير المسئولة وغير الأخلاقية.. مسألة بسيطة ولكنها ستمنع بلاوي كبيرة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف