احمد عبد التواب
كلمة عابرة - تجهيزات طبخة أمريكية إيرانية
كثيراً ما تُخفِى المعارك الدولية المدوية، حول مسائل معينة، ترتيبات سياسية فى قضايا أخرى تجرى بدأب تحت الأرض، وقد تبدو بعض شواهدها على السطح، ويساعدها على التحقق أن انشغال الرأى العام بالمعارك المعلنة يقلل إلى حد كبير من عوامل إجهاض المستهدفات، ثم يُفاجأ المنغمسون فى المتابعات الإعلامية بأن هناك شيئاً ما طُبِخ فى غفلة منهم! آخر هذه الحالات ما يدور هذه الأيام بين أمريكا وإيران وراء الكواليس. ففيما كانت حملة ترامب ضد إيران على أشدّها يتدخل فيها ممثلون رسميون من دول قوية، وتنال اهتماماً جماهيرياً واسعاً عبر العالم، جاءت جريمة مقتل الصحفى جمال خاشقجى، فسنحت لكل السياسيين الفاعلين فرصة لم تكن متوقعة، للنفخ فى الجريمة إعلامياً والعمل تحت ستارها فى قضيتهم. وهكذا بدأت تتجلَّى مهارات كل طرف فى أن يحقق أكبر استفادة من الواقع الطارئ، وهم مدربون جيداً على التعامل مع المفاجآت، حتى أنها صارت من أهم مهارات السياسيين فى عصرنا، مع التسليم بأن العرب لا يزالون بعيدين عن إدراك هذه الآليات! وهكذا، وبعد إقرار السعودية بالجريمة، ومع الانتفاضة الطبيعية المشروعة المتوقعة من الجماعات الحقوقية والصحفية عبر العالم منددة باغتيال صحفى، زُجّ بموضوع التدخل السعودى فى اليمن، وتذكر السياسيون الغربيون فجأة أن فى اليمن ضحايا مدنيين أبرياء يتساقطون وأن دور العالم المتحضر إنقاذهم ووقف الحرب..إلخ. وهو مؤشر تفضى نتائج تحقيقه إلى تحسين مؤكد لأوضاع إيران فى اليمن، وليس من المفترض أن تفعلها أمريكا لإيران مجاناً!
الأسئلة كثيرة وضاغطة، منها: هل يكون المقابل أن تُبدِى إيران مرونة فى الملف النووى وتقنع بمكاسب الوجود فى اليمن إضافة إلى ما حققته بالفعل فى العراق وسوريا وغيرهما؟ ولما كانت أمريكا لا تتبنى سياسة فى الإقليم إلا بموافقة إسرائيل، فما هى مصلحة إسرائيل فى السماح لإيران بالانتعاش فى اليمن؟ هل يكون الهدف تأجيج الصراع بين الشيعة والسنة لتنزلق المنطقة فى استنزاف يعرقلها أكثر؟ وهل من حساباتهم أن يُسمَح لإيران بقدم على باب المندب لتهديد أمن مصر؟