بدون تردد
لعلنا نلمس جميعا من متابعتنا للأحداث والوقائع الجارية بطول وعرض كرتنا الأرضية، ذلك القدر الضخم من العجائب والغرائب والمتناقضات والأكاذيب أيضا التي يمتلئ بها العالم في كل وقت وكل حين.
ففي الوقت الذي يرفع فيه البعض لواء الشعارات البراقة والمبادئ الرائعة والقيم السامية، ويعلنون تمسكهم بها والحفاظ عليها والتزامهم الذي لا يحيد عنها، سلوكا ومنهجا في كل معاملاتهم وتصرفاتهم في الحياة ومع الناس دون تفرقة ودون تمييز.
إذا بهم في الحقيقة والواقع لا يفعلون ذلك ولا يقومون به، ولكنهم يتخذونه لباسا للضرورة ولزوم الحاجة لمظهر خادع، يوفر لهم انطباعا وأثرا لدي الآخرين يحتاجون إليه لتحقيق مصالحهم، ويصلون عن طريقه لأهدافهم التي يسعون إليها.
وفي هذا السياق نري أنماطا كثيرة ونوعيات متعددة من البشر، يتقمصون شخصيات وصفات مخالفة لما هم عليه بالفعل،...، بل وقد تكون مناقضة لشخصياتهم الحقيقية ومضادة لها علي طول الخط،...، فنري اللص الذي يدعي الشرف والجبان الذي يدعي الشجاعة والمنافق المتغني بالصدق، والفاسق الذي يلبس لباس الورع... وهكذا.. وإذا كان هذا قائما وموجودا للأسف في الحياة العامة، وبين العاديين من البشر في جميع المجتمعات، فإنه بالطبع أكثر انتشارا وتواجدا وأكثر فجاجة وظهورا في عالم السياسة، حيث المصالح تحكم وتتحكم في الجميع،...، إلا من رحم ربي.
وعجائب وغرائب السياسة وعالمها كثيرة، وهي لكثرتها لم تعد في نظر المتابعين لها عجيبة ولا غريبة، بل أصبحت فعلا معتادا ومتوقعا أيضا،...، وفي ذلك نري ونسمع متناقضات وأكاذيب كثيرة في هذا العالم كل يوم وكل ساعة.
وأحسب أنه بات مألوفا أن يتحدث زعيم دولة أو مجموعة من السياسيين بها، عن الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان، ثم تراهم يفعلون عكس ذلك تماما، بل نراهم يستخدمون هذه المبادئ السامية والكلمات الرنانة مطايا لتحقيق أغراض أخري، والوصول لمآرب بعيدة كل البعد عن هذه الشعارات وتلك المبادئ. ولعل أكثر الأمثلة فجاجة علي ذلك ما فعلته وتفعله الدول العظمي، وعلي رأسها الولايات المتحدة والدول الاوروبية، تجاه القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني التعس، في تأييدهم المطلق لإسرائيل وصمتهم المشين علي عدوانها الدائم، وممارساتها الفاشية والعنصرية ضد الشعب الفلسطيني، وكسرها لكل قواعد القانون الدولي والانساني، وضربها عرض الحائط بحقوق الانسان الفلسطيني، ورفضها لحقه المشروع في دولته المستقلة والعيش بسلام علي أرضه،...، في ذات الوقت الذي تتشدق فيه هذه الدول وتلك القوي بالحرية والديمقراطية وحقوق الانسان.