الأخبار
صالح الصالحى
وحي القلم - جزر منعزلة
وحي القلم
الكل يعيش في جزر منعزلة.. ولايوجد توحد في العمل أو الرؤية داخل المجتمع.. بمعني آخر كل جزء من اجزاء المجتمع اصبح في واد.. والكل يرشق الآخر بالاتهام.. من الآخر كله في الكليتش.
تجد الحكومة اما في حالة صمت.. لاتصدر عنها أية بيانات.. أو تتحدث الحكومة لتخلق أزمة.. فهي من تقول أنها »الحكومة»‬ ستكتفي بدعم طفلين للأسرة في مشروع تكافل وكرامة.. وتعود لتكذب الشائعة الخاصة بتطبيق ذلك علي المنتفعين بأثر رجعي.. ببساطة الحكومة لم تكن دقيقة في اطلاق التصريحات.. فهي من تؤكد علي وقف تراخيص التوك توك لفترة زمنية للحد من الظواهر السلبية لانتشاره.. معللة ان الشباب لايذهب للعمل.. وهجر الحرف.. ويستسهل العمل سائق توك توك.. وهي أيضا من دفعت سوق النقل والمواصلات للعشوائية المفرطة. فبدلا من أن تقننه بعدما أصبح واقعاً مفروضا.. تطارده في الشوارع.
الحكومة أيضا هي من اعلنت عزمها ايقاف المعاش لبعض الأسر المنتفعين بالمعاشات الضمانية.. وتعود وتقول مجرد تحديث بيانات .. وتقدم أرقاما مبهمة عن استثمار أموال التأمينات دون أن تقدم بيانات شافية تطمئن بها ملايين الأفراد من أصحاب المعاشات.
الحكومة في كل المشكلات التي تستعرضها تجدها مصابة بالدهشة.. وكأنها تسمع عن هذه المشكلات لأول مرة!
تجد رئيس الوزراء يتساءل في لقائه بالمحافظين عن سر انتشار أكوام القمامة في الشوارع.. ويتساءل عن مصير الأموال التي حصلتها الحكومة من تقنين واسترداد الأراضي.. ويقول أين ذهبت هذه الاموال؟! ويندهش من انتشار أمراض الضغط والسكر وعمليات القلب المفتوح عند الشباب، اثناء زياراته للمستشفيات.
المشكلة الأكبر التي يعقد لها رئيس الوزراء اجتماعا خاصا هي جدول امتحانات الصف الأول الثانوي للدور الأول.. ويخرج وزير التعليم ليؤكد في مجلس الوزراء ان الجدول المتداول علي صفحات التواصل الاجتماعي مزور وغير صحيح.. وان رئيس الوزراء تابع بنفسه الأمر.. ووجه رسالة طمأنة الي أولياء الامور والطلاب.. وان الحكومة تحرص علي تهيئة المناخ الايجابي لدفع العملية التعليمية قدماً.. ثم تشكو الحكومة من أن الناس هي التي صنعت من العملية التعليمية »‬بعبع».. هل الامر يستحق ان يقتطع رئيس الوزراء من وقته الثمين ليعقد اجتماعا مع وزير التعليم ويستعرض جدول امتحان الصف الأول الثانوي؟ ولماذا لايقوم الوزير المختص بهذا الامر دون ضجة تخلق أزمة وتتحول إلي »‬بعبع» يخيف الطلاب وأولياء الامور؟ وشائعة طرح بنزين ٨٧ في أول العام الجديد.. الحكومة لم تنف الشائعة.. بل نفت نصفها فقط .. الموعد لم يحدد بعد.. أي أن الحكومة تنوي طرحه.. ولا أعلم لماذا تلغي بنزين ٩٠ وتدعم ٨٠ ثم تفتكس ٨٧.
ووزير المالية يعلن تثبيت السعر الجمركي للدولار للسلع الأساسية.. والسعر المعلن من البنك المركزي لما اسماه بالسلع الاستفزازية.. وطبعا أول ما يفكر فيه المواطن هو ثمن علبة السجائر فهي ضالته في حرق اعصابه لمواجهة اعباء الحياة.. ويخرج رئيس شركة الشرقية للدخان ليؤكد انه بالطبع سترتفع اسعار السجائر. لكن الحكومة تؤكد بعد مرور حوالي اسبوع ان الزيادة في اسعار السجائر المستوردة فقط.. الكل يترقب وينتظر ارتفاعا في اسعار السلع ليست السجائر فقط.. فالسوق عشوائي ونفسي وغير منضبط.. اي كلام حتي ولو كان شائعة ترتفع معه الاسعار .. ولاينتظر مذكرة التفسير من الحكومة التي دائما ما تأتي متأخرة بكثير.
وزيرة الاستثمار هي من أكدت انخفاض الاستثمارات .. وبعدها اكدت زيادة الاستثمارات الأجنبية.
المسئولون في بلادنا لايستطيعون الحديث لمواطنيهم.. ويتركون الكل في اجتهادات وافتكاسات.. وبعدها تخرج الشائعة لتكذبها الحكومة بعد فوات الأوان.
الكل في مجتمعنا بعيد عن بعض البعض.. الناس تتحدث وتتحدث طوال الوقت عن الأسعار المرتفعة والكل مشغول بتوفير لقمة العيش وبطريقته.. والاطفال والمراهقون اتخذوا من الألعاب الإلكترونية العنيفة والقتالية وسيلة للهروب لعالم مميت.. حتي اعضاء الحكومة لا تشعر انهم اصحاب رؤية واحدة.. وتري كل وزير في جزيرة منعزلة عن الآخر.. وبالطبع كل ذلك بيئة جيدة وخصبة تساعد علي انتشار الشائعات.


تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف