الجمهورية
السيد البابلى
"أهلاً أخي".. وضمير العالم "الغائب".
ونواصل الكتابة عن حادث مسجد نيوزيلندا الذي راح ضحيته 51 شهيداً علي يد سفاح استرالي قتلهم بالرصاص أثناء تواجدهم للصلاة.
ونشير إلي ما ذكرته صحيفة "الصنداي تلجراف" البريطانية عن العجوز المسلم الأفغاني داود نبي "71 عاماً".
داود كان يقف علي باب المسجد عندما دخل الإرهابي الاسترالي ورحب به قائلاً "أهلاً أخي".
ولم يكن داود يعلم أن "الأخ" المحتمل هو عدو قاتل.. هو إرهابي من نوع مدمر.. وأنه يحمل سلاحاً سوف يكون داود أول ضحاياه.. فقد بدأ القاتل عمليته الإرهابية بقتل داود وانتقل بعدها لداخل المسجد ليحصد الضحايا بسلاحه الآلي.
تقول الصنداي تلجراف إن "أهلاً أخي" التي أطلقها داود تبين أن هذا هو الإسلام.. إسلام كرم الضيافة. إسلام العطف والإحسان. إسلام التضامن والسماحة والرحمة.
وهذا هو الإسلام الذي يجب أن يعرفوه عنا.. نحن لا نعرف الإرهاب.. ولا نؤمن بمعاداة أصحاب الديانات الأخري. ونستهجن ونرفض ونحرم إزهاق أرواح الأبرياء.. نحن دين المحبة والإيمان بالله ومن كان مؤمناً بالله سبحانه وتعالي لا يقدم علي القتل ولا يعرف الإرهاب ولا يحمل حقداً لأحد.
***
والقاتل الوقح الإرهابي المختل وقف أمام عدسات المصورين في المحكمة وهو يبتسم ويرسل بإصبعه علامات للنصر وأن كل شيء علي ما يرام.
والقاضي وقف مسانداً له ولحقوقه وتناسي حقوق الضحايا وأمر بإخفاء وجهه في الصور الثابتة أو الفيديوهات صيانة لحقوقه في محاكمة منصفة.
ولا نفهم ولا نريد أن نفهم كيف يمكن أن تكون هناك حقوق للقتلة وللجناة ولا يكون هناك حقوق للضحايا..!
ونتساءل في ذلك عن التقصير في توفير حماية للمساجد في ظل وجود دعوات مسبقة من القاتل تفصح عن نواياه وعن أفكاره الدموية.
ونعيد التكرار والتأكيد علي أن هذا القاتل سوف يواجه احتمالاً بالسجن مدي الحياة. ولكنه سيخرج بعد سنوات قليلة ليكون زعيماً ليمين أكثر عنفاً وتطرفاً.. هذا القاتل وراءه من سيحميه ومن سيقدم له الدعم أثناء محاكمته وأثناء وجوده بالسجن.. وبعد خروجه منه.. هذا القاتل يدرك ماذا فعل.. وما هي عقوبته.. وينتظر المكافأة..!
***
وندعو لشهدائنا في الحادث. شهداء الإسلام والمسلمين ومنهم 4 من المصريين استشهدوا و11 مصرياً آخرين من المصابين في حالة حرجة.. ونشارك أسرهم الأحزان. فقد هاجروا وسعوا في الأرض من أجل الرزق.. وصعدت أرواحهم للسماء في بيت من بيوت الله.. والشهداء لهم الجنة.
***
ولكننا نشعر بالاستياء.. أين صوت العالم.. أين ضمير العالم الحر.. أين منظمات حقوق الإنسان.. أين دعاة الحوار بين الأديان.. أين الذين يحاولون إلصاق تهمة الإرهاب بالإسلام.. أين وسائل الإعلام في مختلف دول العالم مما حدث في نيوزيلندا..؟ لماذا التعامل مع الحادث بكل هذا الحذر.. ولماذا لم تكن هناك تغطية موسعة لما خلفه الحادث من مآس وأوجاع.. ولماذا يصمت ضمير العالم "المنافق" علي اليمين الفاشي الذي استشري في أوروبا ويحمل عداء وحقداً لا حد له للإسلام والمسلمين.. ولماذا لا تكون هناك مطالبات بعقوبات أوسع للذين يحرضون علي العنف والكراهية.. ولماذا أيضاً تصمت الدول العربية والإسلامية وكأن شيئاً لم يكن وكأن الحادث لا علاقة له بنا من قريب أو بعيد.. ولماذا.. ولماذا ولماذا؟
***
وتقول الشرطة النيوزيلندية إن القاتل الاسترالي الذي ارتكب المجزرة ليس له شركاء وأنه دبر ونفذ الحادث بمفرده.. وما تقوله الشرطة النيوزيلندية ليس صحيحاً.. فللقاتل عشرات الشركاء من منظمات يمينية متطرفة هي التي زينت له هذا العمل وهي التي زرعت داخله أفكاراً مغلوطة عن الإسلام والمسلمين وهي التي ترفع علانية شعارات ضد كل ما هو مسلم. وهي التي تحرض علي طردهم من أوروبا ووقف التعامل معهم.
والشرطة النيوزيلندية أخطأت بتحديد الحادث في إطار أنه نوع من الأعمال الفردية لمتطرف له آراؤه ومعتقداته الخاصة تجاه المسلمين. فالحادث ليس فردياً.. الحادث وجد ترحيباً وتعاطف من أنصار اليمين المتطرف وكلهم قتلة.. كلهم شركاء في المذبحة.
***
وندعو لحماية دور العبادة من مساجد وكنائس وإلي حماية المسلمين في أوروبا وأمريكا.. فالحادث الإرهابي في نيوزيلندا قد تكون له توابعه في دول أخري فقد بدأ "المتطرفون اليمينيون البيض" عملياتهم بهدف إدخال الرعب في قلوب المهاجرين من المسلمين لإجبارهم علي الرحيل والعودة إلي بلادهم الأصلية.. وهي عمليات لن تتوقف لأن هناك حالة من الخوف من انتشار الإسلام في أوروبا وهي حالة لن يصلح معها الحوار الفكري الآن بقدر ما تحتاج إلي إجراءات أمنية لتأمين المسلمين في هذه الدول وحمايتهم.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف