السيد البابلى
قنبلة في كل بيت .. والاعتذار .. والبابا!!
لا تجد أي أسرة إلا وتشكو من أن الأبناء لا يذاكرون. وأنهم طوال اليوم علي "النت" في حوارات مع أصدقائهم. وقد انعزلوا تماماً عن الأسرة وأصبحوا يعيشون مع "اللاب توب" والموبايل.
ولا حديث ولا تفاعل اجتماعي أسري في البيوت. ولا سيطرة للآباء والأمهات. ولا قدرة علي التربية والمتابعة والتوجيه.. والشباب والأطفال أصبحوا تحت سيطرة "الإنترنت" وتحت تأثير عالمه السحري الرهيب. والمخيف.. والنتيجة.. أن هناك فجوة عميقة كبيرة تتسع يوماً بعد يوم بيننا وبين الأجيال القادمة.
نحن نعيش عالماً وواقعاً غير العالم الذي لا نعرف عنه شيئاً. الذين يعيشون فيه ويتقنون التعامل معه. والنتيجة أيضاً هي أننا سنشاهد وسنتعرف وسنواجه أنواعاً جديدة من الانحرافات والسلوك الشاذ. الذي أصبح يهدد الاستقرار والسلام المجتمعي.
ولم يكن غريباً في هذا الواقع الجديد أن نسمع عن ارتفاع في معدلات الإلحاد. ودخول الشباب في هوة ومنزلق من الاغتراب الديني والاجتماعي. وظهور نوعيات جديدة من شباب بلا هوية. أو انتماء أو دين. أو حتي طعم ولون!!
ووصلنا إلي مرحلة صدور الفتاوي التي يتم تفصيلها لكي تكون مناسبة للانفلات الأخلاقي الجديد مثل التي صدرت وخرجت من إحدي الدول التي تعاني أيضاً من فوضي ما بعد ثورات الربيع. وهي الفتوي التي تبرر الزنا وتقول: إنه يقع عندما يكون أحد طرفيه متزوجاً!!
* * *
ومادام النت قد أضاع كل القيم ودمر قناعات وثوابت وتقاليد والتزام. فإن مروان وإسلام "13 عاماً" من أبورواش. قررا أن يقوما بتنفيذ ما يشاهدانه من أفلام إباحية علي النت!!
وماذا فعل مروان وإسلام؟!.. قاما باستدراج أميرة زميلتهما وجارتهما. والتي تعود برفقتهما بعد انتهاء اليوم الدراسي.. وقررا أن يطبقا عملياً ما ذهب بعقليهما علي النت!!
وقام مروان وإسلام باغتصاب أميرة عنوة.. ولم يكتفيا بالاغتصاب. بل وأقدما علي ذبحها بزجاجة مكسورة. كانت ملقاة في الطريق. ثم تركاها بعد أن لفظت أنفاسها وعادا إلي منزلهما. وكأن شيئاً لم يكن.. وبراءة الأطفال في أعينهما.
والقصة المحزنة المؤلمة جرس إنذار لكل أسرة.. لكل أب. لكل أم. الدنيا قد تغيرت.. والعقول ضاعت.. والخطر موجود حتي في داخل البيوت.. وهناك قنابلة قابلة للانفجار من أجيال جديدة ناشئة بلا رعاية حقيقية ولا تربية سليمة ولا رقابة فعالة وإيجابية.
وأميرة البريئة هي إحدي ضحايا هذا الهوس والجنون بالإنترنت وعالمه.. وسكة الندامة التي لا نجاة أو عودة منها.. فهو الإدمان الذي لا تصلح معه الأدوية ولا المصحات.
* * *
وأكتب عن اعتذار الدكتور إمام رمضان. أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر. صاحب واقعة إجبار الطلاب علي خلع "بنطلوناتهم" داخل مدرج كلية التربية بالأزهر.
قال الدكتور إمام: "كل ما فعلته كأستاذ في العقيدة والأخلاق مع طلابي كان تجربة أردت من خلالها أن أري تأثير التعليم النظري للعقيدة والأخلاق علي أرض الواقع بالاختبار التجريبي العملي.
ومضي الدكتور إمام يقول: لقد وقع خطأ من الباحث الذي أجري التجربة. وهنا وجب الاعتذار. وأعتذر إلي أبنائي الطلاب. وإلي كليتي. وإلي أساتذتي. وإلي جامعتي. وإلي أهلي وأسرتي.. وإلي ربي.
ورسالة الاعتذار طويلة. وفيها اعتراف كامل بالخطأ.. وفيها أيضاً ما يفيد بأن الأستاذ الذي كان مدرساً لأكثر من عشرين عاماً.. وتمثيليته تستحق عقوبة الفصل.
* * *
ولا حديث في مواقع السوشيال ميديا إلا عن بابا الفاتيكان فرانسيس الذي انحني ليقبل أقدام زعماء جنوب السودان من أجل السلام. وما أقدم عليه البابا احتل حيزاً كبيراً من المجادلات الساخنة ما بين مؤيد ومعارض.
وفي رأينا أن ما فعله البابا فرانسيس هو رسالة دينية بالغة السمو بأهمية المحافظة علي الأرواح ووقف إراقة الدماء والسعي إلي السلام.
البابا وفي خلفية دينية تتعلق بالتاريخ وذكريات الماضي أرسلها قوية لتجار الدم والحروب في العالم.. أوقفوا نزيف الدم. أحبوا بعضكم.. عيشوا في سلام.. لا قيمة للحروب والدمار.
البابا فرانسيس كسب الاحترام والإعجاب.
* * *
ولا حديث أيضاً إلا عن اقتراب الشهر الفضيل.. شهر رمضان المبارك شهر الصوم والصلاة. والسمو فوق الدنايا والأحقاد.
الشهر الذي يشهده العالم ويتابع من خلاله أمة محمد "عليه الصلاة والسلام". وهي تظهر وتضرب أروع أمثلة التكافل والتراحم والتعاضد في أيام من البركة والصفاء والخشوع والرحمة.
ومع السيرة العطرة عن الشهر الكريم. فإننا نأمل ألا يكون شهراً للمسلسلات والدراما و"المقالب" وشهراً للأكل والتخمة والإسراف.. نأمله شهراً نعيد فيه اكتشاف أنفسنا من الداخل واكتشاف أوجه الخير والعطاء والإنسانية في داخل كل واحد منا.. فأمة محمد ستظل علي الحق باقية وللخير ساعية وللهداية والرحمة داعية.