الجمهورية
زياد السحار
مترو الأنفاق.. أمل يتجدَّد
فرحة غامرة شاركت بها ركاب مترو الأنفاق الجُدد مع افتتاح مرحلته الجديدة يوم السبت الماضي من محطة الأهرام بمصر الجديدة وحتي محطة نادي الشمس.. وإن تأجلت محطة هليوبوليس أكبر محطة تبادلية للمترو في منطقة الشرق الأوسط ليتم افتتاحها ــ بإذن الله ــ مع احتفالات أكتوبر هذا العام.
حقاً لقد أعاد هذا المترو السعادة لسكان القاهرة منذ إنشائه في أوائل الثمانينيات من القرن الماضي حيث يحسب للمهندس سليمان متولي وزير النقل الأسبق الراحل في عهد مبارك وضع ضربة البداية لهذا المشروع العملاق الذي تأخرت مصر عن تنفيذه حيث كان قد عرض علي الملك فاروق قبل ثورة 1952 ثم علي الرئيس عبدالناصر وتراجعا عن تنفيذه نظراً لأعباء تكلفته أو لظروف الحروب العديدة التي خاضتها مصر.. وبالطبع تضاعفت التكلفة بعد ذلك كثيراً حتي صارت تكلفة جزء من مرحلة في خط ما ثلاثة أو أربعة كيلو مترات تبلغ أكثر من 2 مليار جنيه.
ولكن يحسب للدولة منذ أخذت علي عاتقها تنفيذ هذا المشروع الاستمرارية فيه رغم تكاليفه الباهظة.. لأنه لا أحد غير الله كان يعرف ماذا كان سيصبح عليه حال النقل في القاهرة لو لم ينشأ هذا المارد العملاق الذي أطلق عليه زميلنا الأستاذ علي هاشم ــ ومعه كل الحق ــ "الهرم الرابع".
ومن حُسن حظي إنه باعتباري من سكان حي مصر الجديدة أني عاصرت مترو مصر الجديدة القديم ومترو الأنفاق الجديد الذي دخله منذ أربع سنوات.
ومن هنا فإني أستطيع أن أقدم شهادتي ونصيحتي للمواطنين وللحكومة علي السواء حتي يتم الحفاظ علي استمرارية هذا المرفق الحيوي وضمان جودته وعمليات الصيانة والخدمة والنظافة اللازمة له.. وحتي لا يأتي الزمن ــ مهما طال ــ لا قدر الله ويكون مصير هذا المترو الجديد كمصير مترو مصر الجديدة القديم الذي تهالك بسبب عدم تجديد عرباته وخطوطه وخسائره الباهظة بسبب تكلفة التشغيل التي لم يلاحقها سعر التذكرة وأيضاً إحجام شركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير الإنفاق عليه.. رغم أن هذا المترو القديم الذي أنشيء في بداية القرن الماضي هو الذي ساهم في تعمير الضاحية وامتداداتها من ميدان روكسي حتي منطقة الشيراتون وعلي هذا النسق الحضاري الذي صنعته وسيلة المواصلات التي تنقل حركة البشر باعت الشركة قطع الأراضي في الصحراء بعشرات المليارات من الجنيهات حتي وصلت الآن لبناء هليوبوليس الجديدة علي بُعد 46 كيلو متراً من طريق السويس.. ولكنها للأسف في أوائل الثمانينيات رمت هذا لمترو "عظماً" بعد أن أكلته "لحماً" إلي محافظة القاهرة وهيئة النقل العام التي ارتبكت وتعثرت في استمراريته بعد أن امتنعت الحكومة عن الإنفاق عليه وشهدنا بعد ذلك جرائم دفن قضبانه الحديدية تحت باطن الأرض واستغلال مساراته في خطوط أتوبيسات النقل العام ثم الآن أعيد توسعة الشوارع لملاحقة اختناقات المرور بالمركبات العامة والخاصة.. مع للأسف تعريض حياة المشاة للخطر بسبب غياب إشارات المرور!
***
أتصور أنه يجب أن نضع مأساة المترو القديم أمام أعيننا حتي لا تتكرر.. وأن مسألة رفع سعر التذكرة أمر ضروري لا يجب ألا يتضرر منها أحد في ظل الارتفاع الهائل في تكلفة التشغيل والصيانة والنظافة وبالمقارنة أيضاً بين الخدمة في هذا المرفق الحديث المتطور وأي وسيلة مواصلات أخري سواء كانت سيارة خاصة بتكلفتها وأعبائها والاختناقات المرورية أو أتوبيسات النقل العام وإهمال المسئولين عن التشغيل ورمي الراكب من الأتوبيس في أي مكان لأنه لا يوجد له محطات.. وحدِّث ولا حرج عن سيارات الميكروباص وبلطجة السائقين وبيع الركاب في منتصف الطريق حتي عصر التوك توك العشوائي الذي نأمل أن يختفي مع عزم الدولة وقيادتها السياسية المخلصة علي بناء مصر الحديثة التي تشهد الآن إشاراتها الباعثة للأمل في تلك المشروعات العملاقة الجديدة ــ والمترو واحد منها ــ والعاصمة الإدارية الجديدة والتحول الرقمي في الإدارة الحكومية.
باختصار.. المسئولية مشتركة بين الراكب والحكومة للحفاظ علي هذا المترو العملاق الذي نتشارك جميعاً في امتداده منذ لحظة اختراق ماكينة الحفر العملاقة باطن الأرض وحتي نسعد بافتتاح مرحلة جديدة ونشاهد محطة أنيقة تستقبل قطاراً سريعاً نظيفاً آمناً نباهي به كبري العواصم العالمية.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف