بوابة الشروق
عماد الدين حسين
الديون .. وتحذيرات «موديز» !
إذا كنا نفرح حينما تصدر أى مؤسسة دولية متخصصة تقارير تشيد بالاقتصاد المصرى وعملية إصلاحه، فعلينا بنفس المنهج أن نهتم ونتابع ونراقب ونبحث ونقلق حينما تحذر هذه المؤسسات من أى مخاطر محتملة تخص اقتصادنا.
المتابعون للأحوال الاقتصادية يلحظون كثرة التقارير الصادرة من مؤسسات التمويل الدولية، التى تحدثت عن الإيجابيات الكثيرة لعملية الإصلاح الاقتصادى. تقريبا لم يكن يمر أسبوع إلا ونجد هناك تقريرا إيجابيا ــ أو لنقل معظمه إيجابى ــ عن هذا الاقتصاد، قرأنا وتابعنا تقارير صندوق النقد الدولى الذى وصف برنامج الإصلاح الأخير بأنه قصة نجاح مصرية. قرأنا أيضا تقارير البنك الدولى. وتقييمات مؤسسات متخصصة مثل موديز وفيتش، ورفعها لتصنيف مصر الائتمانى وكذلك لمؤسساتها ولبنوكها وشركاتها.
تابعنا أيضا العديد من التقاير الموضوعية فى وسائل إعلامة عالمية متخصصة مثل بلومبرج والإيكونوميست وغيرها، وغالبية هذه التقارير كانت تتحدث عن الجوانب الإيجابية الكثيرة فى الاقتصاد المصرى، وكيف تمكنت الحكومة من تنفيذ الإجراءات المؤلمة لعملية الإصلاح بنجاح كبير، من دون قلاقل اجتماعية، خصوصا بعد الارتفاعات المتوالية لأسعار الوقود، وسائر أسعار الطاقة خصوصا الكهرباء والغاز. تحمل الشعب المصرى الكثير وبشجاعة حقيقية، وهو الأمر الذى يشيد به الرئيس عبدالفتاح السيسى كثيرا فى العديد من تصريحاته.
وللموضوعية فإن غالبية هذه المؤسسات الدولية، كانت تتحدث أيضا عن بعض الجوانب السلبية، لكن معظم وسائل إعلامنا كانت تتجاهلها، أو لا تسلط عليها الضوء.
الآن هناك الجانب الآخر من الصورة الذى ينبعى أن نهتم به ونقلق منه. مساء الخميس الماضى، نشرت وكالة «موديز» للتصنيف الائتمانى تقريرا، قالت فيه إن «هناك مخاطر مالية تواجه مصر، وإن قدرتها على تحمل حاجات التمويل ستكون كبيرة جدا، على مدى الأعوام القليلة المقبلة، مما يعرضها لخطر تشديد شروط التمويل المحلية أو الخارجية، أى رفع أسعار الفائدة، إضافة إلى تحديات توفير فرص العمل خصوصا للأجيال الجديدة من خريجى الجامعات والمعاهد». وتطرق تقرير موديز إلى العجز الكبير فى ميزانية مصر، وكذلك المستويات المرتفعة للدين الحكومى.
وفى المقابل فإنه من الأشياء الإيجابية فى تقييم «موديز»، فقد أبقت الوكالة على تصنيف مصر الائتمانى عند «B2»، وقالت إن «الديون الحكومية سوف تنخفض خلال السنوات القليلة القادمة»، كما توقع التقييم أن تنخفض تكاليف الاقتراض المحلى تدريجيا، خصوصا مع تبدد الآثار المترتبة على رفع أسعار الطاقة، مما قد يسمح للبنك المركزى بتخفيض أسعار الفائدة.
إذا كانت غالبية وسائل الإعلام قد أبرزت الجوانب الإيجابية فى تقارير ومؤشرات وتقييمات مؤسسات التمويل الدولية، فعليها أيضا أن تتناول الجانب الآخر إذا وجد.
ومبدئيا لا يمكن اتهام تقرير «موديز» الأخير، بأنه مغرض أو عدائى أو «إخوانى» أو يستهدف سمعة مصر اقتصاديا، لأنه ببساطة، سبق له أن أصدر العديد من التقارير الإيجابية، فإذا احتفلنا وفرحنا وهللنا لها، فعلينا أن نناقش بجدية أى ملاحظات أو تقييمات سلبية.
النقطة الجوهرية التى أشار إليها تقرير موديز تتعلق بالديون ونعلم جميعا، أن صندوق النقد الدولى قد سبق له إصدار تقرير مهم قبل نحو عشرة أيام يقول فيه إن حجم الديون الخارجية لمصر قد قفز إلى ١٠٦ مليارات دولار، وتنفرد الحكومة بـ٤٩٫٨٪ من إجمالى الدين، ما قدر يدخل الاقتصاد المصرى فى حلقة مفرغة، وهو الأمر الذى حذر منه المركز المصرى للدراسات الاقتصادية فى تعليق على ارتفاع حجم الدين.
بالطبع الموضوع متشعب ومتداخل، وهناك وجهة نظر حكومية تقول إن الاقتراض الخارجى، كان أمرا لا مفر منه لتمويل المشروعات الضخمة، وعجز الموازنة، وعملية الإصلاح الاقتصادى، وأن هذا الدين ما يزال فى الحدود الآمنة حتى الآن. لكن من الواضح أن العديد من وجهات النظر الأخرى محليا ودوليا، ترى أننا دخلنا فى منطقة الخطر. فيما يتعلق بالديون عموما، والخارجية خصوصا. أتمنى أن أعود لاحقا لمناقشة الديون المصرية وخطورة تزايدها، لكن علينا فى كل الأحوال أن نقرأ بعناية التحذيرات التى أطلقتها موديز يوم الخميس الماضى، وسبق لمؤسسات أخرى أن حذرت منها قبل ذلك، حتى نكون على بينة مما نفعل واكتشاف أى انفلونزا بسيطة قبل أن تتحول إلى التهابات رئوية وربما ما هو أسوأ من ذلك!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف