الأهرام
سيد على
آراء - الصلاة خارج المسجد
رسالة لتاجر صيني يقول فيها: "يطلب مني بعض تجار المسلمين تزوير بضاعتي بوضع ماركات عالمية عليها، ثم يرفضون الطعام الذي أقدمه لهم بدعوى أنه حرام!!".

ومحافظ إحدى مدن العراق اعتذر عن مصافحة مبعوثة أوروبية لحقوق الإنسان معللًا ذلك بأسباب دينية.. فأجابته المبعوثة التي شعرت بالحرج: "أعلم ذلك سيدي المحافظ وأقدر التزامك الديني وأقبل اعتذارك، لكنني أعلم أيضًا يا سيدي أن الإسلام يحرم كذلك السرقة والنهب والسلب والاختلاس والفساد والاضطهاد والعدوان والاحتراب بين المسلمين والفرقة فيما بينهم وتعذيب الأسير، وأعلم أيضًا أن قتل المسلم لمسلمٍ آخر على أساس طائفته ومذهبه أعظم عند الله من هدم الكعبة حجرًا حجرًا.. وبالنظر إلى ما يقع في بلادك سيدي فإنني أعتقد أن مصافحة النساء لهي أهون من مصافحة الشيطان الذي تضعون يدكم في يده".

ماذا يفيد البشر أن تكون المساجد ملآى بالمصلين، في وقت نجد فيه أنّ تعاملهم ومعاملاتهم تتنافى مع شعائر الدين، وأدنى مقومات الأخلاق؟ ماذا يغني المسلم أن يقوم الليل ويصوم النهار، ويحافظ على الصلوات في أوقاتها في الجماعات، ثم إذا باع غش، وإذا تكلم كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر، لأنّ العبادة الشعائرية لا تنفع أصحابها، ولا تؤتي ثمرتها إلا إذا صحت العبادة التعاملية.

ويكفي لتعلم صحة ذلك أن تقرأ حديث النبي "صلى الله عليه وسلم": [أتَدْرُونَ من المُفْلِسُ؟ فقالوا: المفْلسُ فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: إنّ المفْلسَ مَنْ يأتي يوم القيامة؛ بصلاة، وصيام، وزكاة، ويأتي قد شَتَمَ هذا، وقذفَ هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيُعطَى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فَنيَتْ حَسَناتُهُ قبل أن يُقْضي ما عليه أُخِذَ من خطاياهم؛ فطُرِحَتْ عليه، ثم يُطْرَحُ في النار].

وعندما فرض الله تعالي الحج قال: "لا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج"، أي أن الحكمة الأساسية من الحج هي ضبط النفس.. ضبط النفس من الغضب والعصبية والسب والقذف، ولا يقبل الصيام ولا الزكاة من سارق أو من فاسد؛ ذلك أن أساس التديّن والالتزام بالتعاليم الإسلامية هو حُسن الخلق وحُسن التعامل مع الناس مسلمين كانوا أم لا، وإيمان العبد، خاصة إذا كان حُسن الخلق غير قائم على الإيمان بالله، وإنما على أمور دنيوية فقط.

يقول الله تعالى: (مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ ۖ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ ۖ لَّا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَىٰ شَيْءٍ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ)؛ أي أن الذي يقوم بأي عمل صالح غير مبتغي وجه الله والثواب منه، ولم يخلص نيّته لله -عز وجل- وحده فإن عمله يوم القيامة يذهب هباءً منثورًا ولا أجر ولا ثواب له عليه.

ولأهمية حسن الخلق في الإسلام فقد قدَّمَ الدينُ الإسلاميّ مكارمَ الأخلاق على كثير من العبادات، وآثره بالدرجات العلى من الجنة، عن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أَنا زَعِيمٌ ببَيتٍ في ربَضِ الجنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ المِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا، وَببيتٍ في وَسَطِ الجنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الكَذِبَ وإِن كَانَ مازِحًا، وَببيتٍ في أعلَى الجَنَّةِ لِمَن حَسُنَ خُلُقُهُ حديثٌ صحيحٌ، رواه أَبُو داود بإِسنادٍ صحيحٍ.).

وقال أيضًا - صلى الله عليه وسلم- (ألا أخبركم بأحبكم إليَّ وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة؟ فأعادها ثلاثًا أو مرتين، قالوا: نعم يا رسول الله، قال: أحسنكم خلقًا.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف