الوطن
حسين القاضى
"الريسوني" يوجه سهماً نافذاً في صدر الإخوان (2)
بعد أن ضيعوا الشباب، وتلاعبوا بعواطفهم وعقولهم، واستغلوا حماسهم وحميتهم للدين جاء الإخوانى الدكتور «أحمد الريسونى» رئيس اتحاد علماء المسلمين، ومقره «قطر» ومؤسسه القرضاوى، ليكشف أن المسار الذى أغرقوا فيه الشباب كان مساراً خاطئاً منحرفاً من الناحية الشرعية، وتبين أن المسائل والأطروحات والأفكار لم تعرض على مائدة البحث العلمى، والتحرير المعرفى، وليس لها أصول تنتسب إليها وترجع إليها، إلا العواطف والحماس الطائش والجو النفسى المشحون هو المحرك للأفكار.

يقول «الريسونى» فى دراسته (مستقبل الإسلام بين الشعوب والحكام):

«لا نجد فى شـرع الله تعالـى نصاً صريحاً ملزماً بإقامة الدولة، كما لا نجد فى شأنها نصوصاً فى الترغيب والترهيب على غرار ما نجد فى سائر الواجبات، وإنما تقرر وجوب إقامة الدولة ونصب الحاكم من باب الاجتهاد والاستنباط، والوسائل لا المقاصد، ثم إن الدولة التى نعتبرها وسيلة هى فى الحقيقة مجموعة من الوسائل قابلة للتفكيك والتفريق، أو بتعبير الأصوليين: «قابلة للتبعيض»، بحيث يتحقق بعضها دون بعض، ويكون بعضها صالحاً مشروعاً، وبعضها منحرفاً مرفوضاً». ويؤكد الريسونى أن المأزق الخطير الذى وقعت فيه الحركات الإسلامية، هو الانشغال بالوسيلة عن الهدف، ويتأسف للشباب «الذين أفنوا أعمارهم واستهلكوا حياتهم واستنفدوا جهودهم على طريق إقامة الدولة من غير أن يظهر لهذه الدولة أثر ولا خبر، وربما لم تزدد الدولة بفضل جهودهم إلا بُعداً وعسراً، وهكذا فلا الدولة قامت بهم، ولا الأمة استفادت منهم، والأدهى من هذا هو أن يصل طلب الدولة والسعى إلى إقامتها إلى درجة التعذر والانسداد، ومع ذلك يستمر الإلحاح والإصرار والصدام».

وكلام «الريسونى» هذا حينما نصح به علماؤنا كان الجزاء اتهام هؤلاء العلماء بأقذع التهم والشتائم والسباب، ومع ذلك قال به «الريسونى».

ثم يرجع الريسونى للعقل فيقول مخاطباً الشباب، ولكن بعد فوات الأوان: «والحقيقة أن إقامة الدولة تخضع لشروط وأسباب وقوانين تاريخية واجتماعية وسياسية، لا يمكن إلغاؤها أو القفز عليها بمجرد رغبة أو قرار، ولا بمجرد تقديم جهود وتضحيات، حتى ولو كانت التضحيات صادقة ومخلصة وجسيمة، ومن يفعل ذلك فهو يعبر عن جهله الكبير بالسنن والقوانين الاجتماعية، والمجال فسيح أمام الحركة الإسلامية فى أن تحقق الكثير من أهدافها ومن أحكام دينها ومن إصلاح مجتمعها من غير أن تقيم دولة أو تمتلك سلطة، وذلك من خلال العمل فى صفوف الأمة وبناء الأمة».

إذن حتى التضحيات الجسيمة من سجون وابتلاءات متعددة رجع القيادى الإخوانى ليقول إنها تضحيات بالجهل، وبلا عقل، وفيما لا ينفع.. إنها كلمة حق وصدق، لكنها تكون كلمة خيانة حين تصدر من قيادى إخوانى قالها بعد أن أضاع الشباب.

وأما الحديث النبوى: «لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة، فأولهن نقضا الحكم وآخرهن الصلاة»، فيجيب «الريسونى» على من يستدل به من التيارات الإسلامية بأن الحكم هو أضعف عروة من عرى الإسلام، وأن الانتقاض والانكسار يصيب أول ما يصيب الجزء الأضعف، بينما يظل الجزء الأكثر قوة ومتانة صامداً، فمعنى الحديث أن أضعف ما يعتمد عليه الإسلام فى وجوده وبقائه هو الحكم، وأن أقوى ما يقوم عليه وأصلب ما فيه هو الصلاة، كما أن الإسلام يمكنه أن يستمر ويمتد حتى مع انتقاض عروة الحكم، لأن الله أنزل دينه «ليظهره على الدين كله» وأوجده ليبقى إلى يوم القيامة، وإذا كان سيفقد عروة الحكم فى وقت مبكر من تاريخه، فمعنى هذا أنه سيستمر قائماً زمناً طويلاً دون الاعتماد على تلك العروة المنتقضة!.. وللحديث بقية.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف