طارق الحميد
أردوغان.. إيران أم السلطان؟
طلب «الوفاق»، برئاسة فايز السراج، من تركيا رسمياً الدعم العسكرى برياً، وبحرياً، وجوياً، يعنى أن «الوفاق» تعانى أزمة حقيقية فى طرابلس، لكن هذه ليست القصة، السؤال هنا، وفى حال وافق البرلمان التركى على التدخل، وهذا المتوقع، السؤال هو: هل يسير أردوغان على خُطى إيران، أم أنه يريد أن يصبح السلطان؟
نقول السلطان، لأن أردوغان يريد عودة الدور العثمانى بالمنطقة، وبالتالى يريد أن يكون هو سلطانه. أما عندما نقول إيران، فهذا يعنى أن أردوغان بات يفضل التمدد العسكرى فى كل المناطق التى يرى أنها تمثل مجال نفوذ لتركيا، العضو فى حلف الناتو، لكن أردوغان تدخل عسكرياً بسوريا دون غطاء الناتو، والآن يُقدم على التدخل العسكرى أيضاً فى ليبيا، وليس تحت مظلة الناتو. وهذا يستدعى سؤالاً آخر: هل باتت لدى تركيا أردوغان شهية عسكرية للتدخل أينما أراد هكذا، بعد تدخله فى سوريا؟ أم أن أردوغان يهرب إلى الأمام بالتدخل فى نزاعات عسكرية بحثاً عن شعبية داخلية فى تركيا؟ أم أنه بات يرى فى إيران نموذجاً يحتذى به، حيث إن لطهران أيادى فى أربع عواصم عربية؟ أو هو حلم عودة العثمانية؟
ما يفعله أردوغان تهور سياسى يجعله أقرب إلى تهور صدام حسين حين غزا الكويت، حيث إن إيران تتدخل بمنطقتنا عبر ميليشيات، وليس جيوشاً نظامية، وبمناطق توافر لها بها عملاء، مثل حزب الله، والحوثيين، والحشد الشعبى، وتلعب جماعاتها لعبة القوى المعطلة فى تلك الدول، وفى الحالة السورية، لولا التدخل الروسى لسقط «الأسد» منذ زمن، فهل لدى تركيا المقدرة على فعل ما تفعله إيران بتلك الدول التى تجد فيها عملاء، أو أتباعاً، بحكم الطائفية، فى سوريا، أو ليبيا؟ وهل فايز السراج رئيس حكومة، كما يدَّعى، أم زعيم طائفة مثل الأسد؟ أو أن السراج حزب، وميليشيا، كحزب الله، أو الحوثيين؟ ولذا فإن التدخل التركى فى ليبيا يدين السراج الذى باتفاقه مع الأتراك يستعدى دول المتوسط، وجيران ليبيا!
أما إذا كان أردوغان يتصرف وكأنه السلطان المنتظر، فذلك يعنى أنها بداية النهاية لأردوغان، والموجة الأردوغانية، فى تركيا، والمنطقة، فلا الاقتصاد التركى يحتمل هذا التمدد التركى العسكرى، ولا قواته قادرة، ولا المنطقة قابلة لظهور سلطان عثمانى جديد، ولا هذا السلوك الأردوغانى بسلوك رئيس دولة عضو فى حلف الناتو، مهمته، أى الحلف، حفظ الأمن والاستقرار، ناهيك عن أن هناك قراراً أممياً يحظر إمداد ليبيا بالسلاح، مما يعنى أن أردوغان فى صدام حقيقى مع المجتمع الدولى. فإذا كان أردوغان يسير على خُطى إيران، فالنتيجة معلومة حيث ترزح إيران تحت قائمة طويلة من العقوبات الدولية. وإذا أراد أن يكون السلطان العثمانى الجديد، فنحن إذاً أمام بداية نهاية أردوغان، وحقبته، حيث يتناسى أردوغان أهم نصيحة وجّهها له ترامب فى رسالته له حين أراد التدخل فى سوريا، والتى ختمها ترامب بالقول لأردوغان: «لا تكن متصلباً. لا تكن أحمق»!