الوطن
حمدى السيد
قيادات «الإخوان» والتقية (1 - 2)
التقية فى الفقه الشيعى هى وسيلة لحماية الشيعة من الاضطهاد والتنكيل أثناء العصور الإسلامية المختلفة، ومعناها أن تُظهر غير ما تُبطن، وأن تمارس انتماءك للفقه الشيعى سراً، حتى لا تتعرّض للتعذيب والمطاردة، ويبدو أن الإخوان أخذوا بهذا الفقه على مدى سنوات وجودهم منذ أواخر العشرينات من القرن الماضى، وتعرّضهم لنوبات إجهاض ومطاردة، ولجأوا إلى تشكيل جماعات سرية وتولد منهم جماعات إرهابية، وتظاهروا بإدانة أنشطة هذه الجماعات، وادعوا أن «الإخوان» جماعة مدنية تمارس السياسة وتقبل بشروط الديمقراطية وتمارس الانتخابات، وتتظاهر بقبول الحكم المدنى، وتدين الإرهاب والجماعات المتطرفة المنشقة عن التنظيم الأم.

الدكتور عصام العريان كان أميناً للصندوق فى نقابة الأطباء، وكان ناعم الملمس وعلاقاته حميمة بالتنظيمات الحزبية والسياسية، ويشارك فى كل الأنشطة وبأسلوب ليس فيه تطرّف، وكان الإخوان فى لقاءاتهم العامة أثناء شهر رمضان أو لقاءات إدانة العدوان الصهيونى على فلسطين يندمجون مع باقى القوى السياسية، وعند بداية انتخابى كنقيب للدورة الثانية فى عام 1992 اجتمعت بأعضاء المجلس، وأغلبيته من الإخوان، وعرضت سياستى فى العمل.

أولاً: لسنا حزباً سياسياً، ونحن نمثل جميع الأطباء ثقافياً وموضوعياً، ولا نعبّر عن فئة بعينها، فنحن نمثل الأقباط قبل المسلمين، ونمثّل كل التيارات السياسية، ولن أسمح باستخدام النقابة منبراً لأى تنظيم دينى أو سياسى، وهمنا هو الارتفاع بمستوى الخدمة الطبية ومساعدة وزير الصحة، والارتفاع بمستوى الأطباء علمياً ومهنياً وأخلاقياً وتقديم الخدمة الطبية بفاعلية وبمستوى رفيع من الجودة، وأضفت إلى ذلك مساندة وزير الصحة فى تحسين نصيب الخدمة الصحية من الموازنة العامة والمطالبة بتطبيق التأمين الصحى الشامل، وإعفاء غير القادرين من الاشتراك فى النظام، وتقديم الخدمة الطبية بالمجان.

ثانياً: طلب الراحل الأنبا شنودة الالتقاء به، وهو شخصية كاريزمية، كنت أحمل له تقديراً خاصاً، واشتكى مما يصله عن أن الأطباء الأقباط لا تُحسن معاملتهم فى النقابة، وطالبت بأن يحصل الأطباء بجميع اتجاهاتهم الطائفية والسياسية على معاملة جيّدة ويعلم موظفو النقابة أنهم، وكذلك أعضاء المجلس والنقيب، فى خدمة الأطباء، وأن أى شكوى من سوء المعاملة من أى طبيب سيؤخذ فيها إجراء عقابى على الموظف المختص.

ثالثاً: سأحرص على دعوة البابا شنودة والإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوى فى أى اجتماع قومى يتم عمله فى النقابة، ولن أسمح باجتماعات خاصة بحزب أو تنظيم من الأحزاب وفى هذه الاجتماعات عندما يبدأ بعض الحضور بالهتاف بشعار الإخوان، كنت أتدخل وأوقف هذا التصرف، وأذكر أننا قمنا بعمل احتفال إدانة لإسرائيل على جريمة قتل الأطفال الفلسطينيين فى معسكرهم بغزة، وقتل 120 طفلاً، هذه الجريمة التى أدانها العالم ولم يتم محاسبة إسرائيل على أنها جريمة حرب.

وحدث لقاء فى النقابة، ودعوت الإمام الأكبر شيخ الأزهر والبابا شنودة، وكان البابا يحرص على الحضور بعد التأكد من حضور شيخ الأزهر. وفى ذلك اليوم حضرت إلى النقابة قبل موعد اللقاء بساعة، للاطمئنان على نظام إعداد القاعة، وفوجئت بأن الجدران مغطاة بلافتات مكتوب عليها (أين أنت يا صلاح الدين؟)، واعتبرت أن هذه اللافتة قد يكون فيها تلميح إلى الحروب الصليبية، وقد يكون بها إهانة للبابا شنودة، فأمرت برفع هذه اللافتات، واستبدالها بلافتات استنكار وإدانة للعدوان، واستنهاض الأمم العربية والإسلامية.

عندما بدأ الأنبا شنودة خطابه، قال «أين أنت يا صلاح الدين؟»، نفس الشعار الذى كتبه الإخوان على جدار القاعة وحصل على تصفيق حاد وإشادة بذكائه وبموقفه، ثم إن قال الحرب الاستعمارية من الدول الغربية لفلسطين والدول العربية يحاولون إلصاقها بالدين، والدين المسيحى منهم براء، فهو ليس ديناً عدوانياً، ولكن الاستعمار الغربى لصق عدوانه بالدين المسيحى، والدين منه برىء. إن الأقباط المصريين اشتركوا فى جيش صلاح الدين، وكان أحد قادة صلاح الدين من الأقباط.

ثالثاً: عندما تسلمت قيادة النقابة وجدت أن هناك مندوباً دائماً لمباحث أمن الدولة فى النقابة، واتصلت بقيادتهم وأبلغتهم أننى قررت أن كل خطاب يرسل من النقابة لأى جهة، سأرسل صورة منه إلى مباحث أمن الدولة للعلم، فوجدت أن لجنة الإغاثة الإسلامية بالنقابة، لا تقدم إيصالات الأموال الداخلة والخارجة لأجهزة المحاسبة أو للجهاز المركزى للمحاسبات، طلبت ألا يدخل عليهم اللجنة ولا يخرج مليم سوى بإيصالات تتم مراجعتها، ويتم إبلاغى عند اكتشاف أى تجاوز، خصوصاً بعد الاتهام بأن بعض هذه الأموال تُترجم إلى أسلحة لحماس أو لغيرها من التنظيمات الفلسطينية.

رابعاً: قمت بواجبى نحو الإخوان المعتقلين، والصادرة ضدهم أحكام قضائية بحضور التحقيق معهم، وكذلك زيارتهم فى السجون، وشاهدت ما هم عليه من علاقة طيبة مع قيادات السجون وضباط السجن، وكيف أنهم يشاركون فى علاج مرضى السجن، ويسمح لهم بممارسة أنشطة علمية ورياضية، وعدد منهم نجح فى امتحان كلياتهم، سواء ما قبل البكالوريوس أو الدراسات العليا.. وللحديث بقية.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف