الوطن
طارق الحميد
المشروع السعودى.. أم المشروع الإيرانى؟
كتب الأستاذ عماد الدين أديب هنا مقالاً بعنوان: «أيهما تختار.. النموذج الإيرانى أم النموذج السعودى؟». حسناً، دعونى أكمل مناقشة الفكرة بسؤال آخر: المشروع السعودى أم المشروع الإيرانى؟

عام ١٩٧٩، أى الثورة الخمينية، كان عام انبعاث الروح فى الإسلام السياسى، حيث كانت الثورة الخمينية تُزايد زوراً فى الدفاع عن الإسلام «الأنموذج»، من فلسطين حتى رواية سلمان رشدى. وباتت طريقة مجابهة الثورة الخمينية مزيداً من الخطاب الإسلامى، وسعودياً يضاف إلى الثورة الإيرانية جريمة اعتداء جماعة جهيمان على الحرم المكى الشريف. مضت السنون، بل العقود، وبين طياتها ما عرف بـ(الجهاد) فى أفغانستان، مروراً بحرب السنوات الثمانى بين إيران والعراق، وكان هناك قبول لمنهج مجابهة إيران بنفس خطابها، لا أفعالها، حيث رُئِىَ بألا تترك الساحة لإيران حيث المزايدة بالخطاب الدينى، واستقطاب الجماعات الإسلامية، وبعد ذلك معروف ما جرى، إلى أن وصلنا إلى عام ٢٠١٥، اللحظة المفصلية فى السعودية الحديثة التى تسنّم فيها الملك سلمان بن عبدالعزيز سدة الحكم، ثم تعيينه ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان، ومباركة الملك لمشروع الرؤية السعودية ٢٠٣٠.

هنا تغيرت الاستراتيجية، النهج/المشروع، وجاءت رؤية ٢٠٣٠ بمنهج سياسى مختلف تماماً، حيث باتت رؤية مستقبل، ونهج حياة. ٢٠٣٠ رؤية، سياسياً، تقول لا للمناكفة، ولا للمزايدة، ولا للعب على إيقاع الأعداء، وإنما السعى وفعل كل ما يضمن مستقبل السعودية، وتعميق هويتها، هوية التسامح، والتعايش، الذى طبقته السعودية، منهجياً، بوحدتها الوطنية، منذ التأسيس.

وعليه، فإننا اليوم نشهد المشروع السعودى، مقابل المشروع الإيرانى. فى السعودية تحوّل، وإصلاح، وتحديث للأنظمة، هيكلى، وإجرائى، وثقافى، ونهج سياسى يقوم على أن السعودية تنتمى للمجتمع الدولى وبالتالى تهيئة السعوديين لذلك، ولمرحلة ما بعد النفط، بينما فى إيران لا نجد إلا الشعارات، والتمدد، والعدوان، بل وتحذير إيران لمواطنيها من السفر للغرب! وفى الوقت الذى تستجدى فيه إيران العالم، عبر الاستفزاز، للجلوس على طاولة التفاوض، ورفع العقوبات، نجد السعودية تشرع فى التطوير والتحديث لجلب العالم للاستثمار، «أرامكو» مثلاً.

قد يقول قائل: وماذا عن الحرب فى اليمن؟ الإجابة بسيطة، اليمن يشكل عمق الأمن الوطنى السعودى، والسعودية كانت المحرك الأساسى فى المبادرة الخليجية لإنقاذ اليمن، والسعودية فى اليمن تنفيذاً لقرار أممى، بينما ما علاقة إيران بسوريا، ولبنان، واليمن، والعراق؟ تقول العراق دولة حدودية! أقول لك هل هذا يخوّل إيران حق التغول، والتدمير، علماً أن دستور إيران ينص على ضرورة تصدير الثورة، بينما نرى شيعة العراق الآن يتظاهرون مطالبين بخروج إيران من بلادهم!

ملخص القول أن المشروع السعودى، أى رؤية ٢٠٣٠، جاء مفاجئاً للمشروع الإيرانى المصدّر للخراب، حيث تحاول إيران التمدد بالمنطقة عبر غطاء الطائفية، بينما تمد السعودية يدها للعالم عبر الاتفاقيات، والمشاريع. ولتوضيح الصورة أكثر، تأمل الطرح التالى، قبل ٢٠١٥ كان يقال إن مشكلة السعودية هى التطرف، واليوم يقال إن السعودية تبالغ بالترفيه والانفتاح؟ وهذه خدعة يجب عدم الانسياق خلفها، وإنما تقول لنا إن مشروع الحياة السعودى بات يُفقد المشروع الإيرانى الطائفى، العدوانى، قوته.

مشروع الحياة السعودى بات يهز مشروع الخرافة الإيرانى، فبينما السعودية تترأس قمة العشرين نجد إيران تترأس عملية قمع العراقيين، واللبنانيين، والسوريين، وقبلهم الإيرانيين. خلاصة القول: السعودية لا تلعب وفق قواعد إيران، بل سحبت منها البساط بمشروع الحياة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف